ريف دمشق | أزمة الطرق والمواصلات باتت من أبرز أزمات الشعب السوري. هذه الأزمة باتت من أهم عوامل إنهاك طاقاتهم. ساعات يمضيها هؤلاء للوصول من أرياف المدن إلى دمشق، وكثرة الحواجز الأمنية أمر اعتاده السوريون، إلا أنّ المعضلة تكمن في عدم توافر وسائط النقل على نحو كاف.
على سبيل المثال، انخفض عدد حافلات النقل الصغيرة من مئة حافلة إلى خمسين على خط النقل من مركز الانطلاق الغربي في السومرية في دمشق إلى قطنا في ريف العاصمة. والمشكلة اليوم، أيضاً، تكمن في التعرفة الحكومية الجديدة كأجرة نقل من العاصمة إلى ريفها الغربي.
يفسر ذلك أحد الركاب بالقول: «التسعيرة الجديدة التي وضعتها الجهات الحكومية لأجور النقل من السومرية إلى قطنا مجحفة بحق السائقين، والتزامها يعني الخسارة لا الربح، فمن المنطقي أن تتوقف السرافيس عن العمل».
37 ليرة سورية التعرفة الجديدة لأجور حافلات النقل من مركز انطلاقها في السومرية إلى قطنا، بمسافة تقدّر بنحو 30 كيلومتراً. 37 ليرة أجرة سائق، يقسمها بين تكاليف وقود وصيانة ومعيشة، ما يجعل من الأمر مأساة لا ترضي السائقين... ولا حتى الركاب.
يقول سمير نصري، أحد سائقي الحافلات، إنّ القرار الجائر وعمل تخريبي، «فبسببه لن نتمكن من الحصول على لقمة عيشنا بنزاهة وسيجبرنا على التوقف عن العمل، وبالتالي لن يتمكن سكان قطنا من الوصول إلى أعمالهم في دمشق... وهذا ما يريده من يسعى لخراب هذا البلد».
رئيس «مركز الانطلاق الغربي» (السومرية)، المهندس فتحي مهنا، أكد لـ«الأخبار» أنّ «دورهم كإدارة للمركز يقتصر على التنظيم والمراقبة وتنفيذ التعليمات. بخصوص التسعيرات الجديدة قد يكون هنالك إجحاف، لكن نحن لا يمكننا أن نحدد ذلك».
كلام مهنا لم يكن كافياً ومقنعاً لتهدئة السائقين الغاضبين، فلجان المراقبة وحماية المستهلك تستمر بعملها لضبط المخالفين دون أي مراعاة لظروف السائقين، ما يضيق الخناق عليهم أكثر فأكثر، حسب تعبيرهم. نبال غزالة، أحد المسؤولين في تلك اللجان، أكد لـ«الأخبار» أنّ التسعيرة الجديدة لم توضع اعتباطاً، بل بعد دراسة قام بها مختصون،
الأمر الذي رفضه كلياً سائقو السيارات، والذين يتضامن معهم الركاب «لأن لا أحد يلتزم التسعيرة، ولأن التزامها يعني توقف الحافلات عن العمل، وبالتالي عدم وصولنا إلى أشغالنا».
اللجنة النقابية المسؤولة عن حقوق السائقين، وحسب تأكيد رئيسها عادل صنوبر، قدّمت «للمعنيين طلباً لإعادة النظر بعين العطف على أصحاب الآليات وإعطائهم حقهم وفق تعرفة عادلة، تتناسب وحجم صرف الحافلات واستهلاكها». الطلب المرسل منذ شهرين لم يجواب عليه بعد، «ولا أحد يعرف السبب»، يقول صنوبر لـ«الأخبار».
المشهد في مركز الانطلاق يؤكد أن نسبة التزام قانون التعرفة الجديد «صفر في المئة»، ولا يزال السائقون متمسكين بالحلول البسيطة عبر تراضيهم والركاب حول أجرة تراوح ما بين 75 إلى 100 ليرة سورية. وهو الأمر الذي تتعاطى معه شرطة المرور بإيجابية. مصدر في الشرطة أكد لـ«الأخبار» أنّ الشرطة «تحرّر الضبوط فقط عندما تكون هنالك شكاوى رسمية من الركاب».
حالة مواصلات قطنا مشابهة لكافة بلدات الريف الغربي، والحل برفع تعرفة الركوب إلى وضعها «المنطقي» كما يريد السائقون والركاب على حد سواء، أما المعنيون فحتى اللحظة ملزمون بتطبيق قرار التعرفة الجديد... بانتظار الوصول إلى حلّ يرضي الجميع عبر تعديل التعرفة أو بالرضى المتبادل حول الواقع المفروض.