ليس اسماً عادياً يمرّ مرّ السحاب فيُحدث برقاً بل بريقاً وضياءً يخطف الأبصار، يصاحبه مطر يحيي به أرضاً ميتة.هو نجم، بل مجموعة نجوم سيّارة، تتلألأ به السماء وتضيء بإشعاعاتها وأنوارها مسارات بقيت مشعّة، تنير الدروب والساحات طوال حياته، لم تنطفئ ولم تنكفئ...
يأتيه الموت خاطفاً بريقه وإشعاعات حياة ملأتها الإنجازات والنجاحات، فلا تذرف العين دمعة أو دمعات، تحجب رؤياه، وإنما تبكيه السماء، ماءً زلالاً، فتروي به قلوباً مفجوعة ومألومة، وتغسل عيوناً محرورة مأسورة.
[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
عالم الرياضة يفتقدك، بل لبنان كله، وبيروت بالذات، وملاعب كرة القدم التي ملأتها بالحيوية ونبض الحياة تحنّ إليك، وإلى فنّك، رواحك ومجيئك، نصغي إلى صوتك وصراخك، وأنت أنت لم تتغير، منذ نشأتك الأولى، الطامحة والطموحة، تحوّلت معك كرة القدم إلى حالة عشق، وتحولت أنت إلى مثل، والمثل إلى مثال وقدوة.
الانطلاقة الأولى في عالم كرة القدم من نادي الأنصار، ولا تشبه نشأتك ولا نشأة نادي الأنصار، نشأة أيّ لاعب آخر، ولا أيّ ناد آخر، ولا تشبه ما وصلت إليه وما حقّقته ما وصل إليه أيّ لاعب آخر، كما لا يشبه ما وصل إليه نادي الأنصار وما حقّقه، ما وصل إليه وما حقّقه أيّ ناد آخر.
إنها قصة أولاد الحيّ الذين ترعرعوا في أزقّة وجنبات الطريق الجديدة، تلك المنطقة التي تعجّ بحب الحياة وعجقتها، وكانت قلب بيروت النابض. بسرعة قياسية شقّ الأنصار دربه نحو التألّق، وشققت أنت، بسرعة، درب قلوب جماهير كرة القدم في بيروت ولبنان كله. بالصبر والجهد والمثابرة واصل الأنصار مسيرته نحو القمة، وبلغت أنت مجد الكرة، فكنت نجم المنتخب الوطني، ومحطّ أنظار واهتمام الكرة العربية، وارتبط اسم فريق الأنصار باسمك، فكنت المدرب المتميّز الذي حمله إلى مصاف الدرجة الأولى، والذي مكّنه في ما بعد من أن يحرز بطولة أندية كرة القدم لمدة أربعة عشر عاماً اكتملت بالموسم الكروي الأخير في أيار 2021.
نبكيك، لا نبكيك، نزهو بك ونفتخر، كنت وردة نضرة في حياة أصدقائك ومحبيك، لا نبكيك، نزهو بك، حياتنا ازدانت بك، وذاكرتنا امتلأت بأعمالك ونجاحاتك وإنجازاتك، وأنارت من القلب دروب الحياة، فلا نبكيك، نحييك، ونبتسم لك، لمحياك، لخلقك الرفيع، لقلبك الذي ما عرف إلا الحبّ، ومع الحب العطاء، ومع العطاء التضحية، فكنت أنت الضحية، لأنك ما أعطيت لنفسك شيئاً، وأعطيت للآخرين كلّ شيء، فسمَوت وتساميت، فآثرت الآخرة على الدنيا، فانعم بآخرتك فهي نعيم الصابرين والمخلصين والمعطائين، أمثالك.

* قاضٍ ووزير سابق