نشاط كبير عرفه سوق الانتقالات على صعيد كرة السلة خلال الصيف حيث نشطت الأندية وفق استراتيجيات مختلفة خصوصاً بعد إقرار قانون الـ 2+1 الخاص باللاعبين الأجانب، ما أفرز سلسلة من التعاقدات البارزة، والتي لكلٍّ منها أهميتها وتأثيرها في الفرق وتحديداً تلك المنافسة على اللقبتغييرات كثيرة عرفتها غالبيّة فرق بطولة لبنان لكرة السلة، حيث إن عمليّة التبديل بحسب ما تقتضيه متطلبات الموسم الجديد كانت حاضرة بقوة، فشهدت فترة الانتقالات منافسة واسعة بين عددٍ منها على أبرز اللاعبين المحليين وامتداداً إلى اللاعبين الأجانب أيضاً.
وكان بالإمكان أخذ فكرة عن جزء مما يمكن أن تقدّمه الأندية المفترض أن تنافس على اللقب، من خلال ما ظهرت عليه في بعض المحطات، مثل الرياضي في بطولة الأندية الآسيوية، وهومنتمن وبيروت في بطولة الأندية العربية، طبعاً بانتظار الفرق الأخرى وعلى رأسها الشانفيل الذي أبرم سلسلة من التعاقدات المفترض أن تجعل من الفريق خصماً صعباً للجميع.

هومنتمن يجدّد ولكن...

هومنتمن لم يظهر بصورة البطل حتى الآن، إن كان في البطولة العربية أو في مباراة كأس السوبر في مواجهة الرياضي، إذ رغم العمل الذي قام به في سوق الانتقالات، خسر الفريق ميزانه الأهم المتمثل بالنجم المخضرم اسماعيل احمد، وهي نقطة تصبّ بلا شك في مصلحة الرياضي المرشح بقوة لاستعادة اللقب.
هومنتمن كاد يرتكب خطأ بنفس الحجم لو لم يعِد نجمه البورتوريكي والتر هودج عبر استبداله بالأميركي الغني عن التعريف نايت روبنسون الذي تبيّن أنه مصاب. عودة هودج بدت آثارها الإيجابية في البطولة العربية عندما كان الأخير النجم الأبرز في فريقه، لكن ما ظهر هو أن عليه ان يقوم بمجهودٍ مضاعف ويلعب دوراً قيادياً بعد افتقاد الفريق إلى أبرز عنصرَي خبرة في صفوفه أي «سمعة» والتونسي مكرم بن رمضان. أما في ما خصّ اللاعب الأجنبي الأساسي الآخر أي كريس جونسون فإنه عليه تقديم جهد أكبر لكي يظهر على صورة أجنبي الفريق السابق سام يونغ بعدما كان الاخير أحد المداميك الأساسية في عملية إحراز الفريق البرتقالي للقبه الأول في الموسم الماضي.
محلياً، تعاقد هومنتمن أيضاً مع ثلاثي محلي خبير متمثّل بباتريك بو عبود وايلي اسطفان وايلي رستم، ولكلٍّ منهم دوره. عند اسطفان يمكن التوقّف حيث بحث هومنتمن عن لاعبٍ يجيد التصويب من خارج القوس بعد رحيل ايلي شمعون إلى بيروت، بينما بعث رستم الاطمئنان في نفوس مشجعي الفريق بعدما بدا أنه استعاد مستواه السابق، حيث سيكون إضافة دفاعية مهمة ومعوّضة لرحيل لاعب آخر هو كرم مشرف، علماً أن الفريق ركّز على تعزيز صفوفه تحت السلة بتعاقده أيضاً مع جيرار حديديان الذي يسير في مستوى تصاعدي منذ موسمين.

الرياضي فريق بطل

أما الرياضي ورغم الكبوة الأساسية فهو بنظر الجميع البطل العتيد المنتظر. ربما قدّم رجال المنارة صورة عن هذا الأمر في كأس السوبر، لكن بلا شك فإن التعاقدات التي أبرمها الفريق سيكون لها التأثير الإيجابي عليه في الموسم الجديد.
ففي موازاة رحيل علي حيدر وتشارلز تابت عنه، تمكن الرياضي من ضم أحد أبرز النجوم المحليين في الموسم الماضي أي باسل بوجي الذي سيكون إضافة قوية تحت السلة إلى جانب العملاق النيجيري كريستوف أوبيكبا. لاعب ديناميكي تطوّر موسماً بعد آخر وصنع اسماً لنفسه مع بيروت قبل أن يطلق تحدي إعادة اللقب إلى الرياضي.
ومثله يأتي هايك غيوقجيان الذي ترك بطل لبنان مطلقاً تحديّاً شخصياً يتمثّل بحجز مكانٍ أساسي في تشكيلة تعج باللاعبين النجوم. وهذه التشكيلة نفسها عادت قوية بعودة اسماعيل أحمد أو بحسب ما يصفه البعض بـ «مدرب الظل» في الفرق التي يدافع عن ألوانها بالنظر إلى دوره القيادي وتأثيره الإيجابي في نتائج الفرق التي يدافع عن ألوانها لدرجةٍ بدأ الحديث عن أنه أينما وجد اسماعيل سيذهب كأس البطولة.
ويمكن للرياضي أن يكون أسرع فريق عرفه منذ سنوات بعد تعاقده مع صانع الألعاب الأميركي كيفن غالاواي الذي سبق أن دافع عن ألوان هومنتمن، فإذا قرر المدرب أحمد فران إشراكه في نفس الوقت مع وائل عرقجي على أرض الملعب سيظهر الرياضي بأسرع نسخة منذ مدة طويلة، علماً أن غالاواي الذي اعتاد تحقيق أرقام لافتة هو أكثر من صانع ألعاب، فإلى جانب رؤيته ومعدلات تسجيله المميزة، يتمتع بطولٍ (2.01 م) يسمح له باللعب بسهولة تحت السلة والتقاط المتابعات.

بيروت بطموحات كبيرة

ومما لا شك فيه أن بيروت ومن خلال نشاطه اللافت في سوق الانتقالات طرح نفسه منافساً قوياً بعدما كان المفاجأة السارّة في الموسم الماضي.
فريق فتيّ لكن بطموحاته ونجاحاته السريعة استطاع إقناع مجموعة من اللاعبين المميزين بالتوقيع على كشوفاته، بدءاً من رالف عقل الذي كان حاجة كبيرة لمساعدة ميغيل مارتينيز وروني فهد من خلال إضافة صانع ألعاب خلّاق آخر على أرض الملعب. ومروراً بوصول ايلي شمعون وعلي حيدر وكرم مشرف، الذين لا يشبهون بعضهم على أرض الملعب، لكنهم يكمّلون بعضهم البعض، ما يخلق التوازن في تشكيلة المدرب باتريك سابا التي كسبت تشارلز تابت كوجهٍ محلي، وكايل هانت الذي أظهر أنه نوع مختلف من لاعبي الارتكاز بدينامكيته الكبيرة تحت السلة وقدرته على الاختراق والتقاط المتابعات دفاعاً وهجوماً.

الشانفيل ينتظر قطف الثمار

رابع الفرق التي نشطت بقوة في السوق هو الشانفيل الباحث عن تعويض خيبات التعاقدات التي أبرمها في الموسم الماضي وتحديداً تلك التي كلّفته مبالغ ضخمة على الصعيد الأجنبي، لذا كان اتجاه المدرب العائد إلى ديك المحدي، فؤاد أبو شقرا، هو الاستعانة بلاعبَين خَبِرا البطولة اللبنانية وباتا يعرفان متطلباتها، فكان تعاقده مع السوداني آتر ماجوك والأميركي دواين جاكسون اللذين عمل معهما في الحكمة.
وجود ماجوك بلا شك سيخلق مساحةً كبيرة للهدافين الآخرين في الفريق، أمثال فادي الخطيب وأحمد إبراهيم لعدم الذهاب إلى الانشغال كثيراً بالمواجهات القاسية تحت السلة، لكن بالتأكيد على ابو شقرا إيجاد التوازن الهجومي بعد قدوم جاكسون بسبب «كثرة الطبّاخين» في الحالة الهجومية حيث كمّ اللاعبين الكبير، الذين سيأخذ كلٌّ منهم تسديداته، الأمر الذي قد يخلق مشكلة في بعض الأحيان.
ومن النقاط المهمة في عمليّة التعاقدات التي أبرمها الشانفيل هي تعزيز مركز صناعة الألعاب بوجهين محليين يعدّان بين الأفضل على هذا الصعيد، وهما علي مزهر وجاد خليل. وبالتأكيد فإن اختلاف أسلوب الاثنين على أرض الملعب سيزيد من خيارات المدرب أبو شقرا على صعيد تنويع أسلوب اللعب، الذي يمكن أن يصبح أسرع أيضاً بوجود نديم سعيد العائد لخوض تجربة جديدة مع الفريق المتني.

ويبقى أن الفرق الأخرى حاولت الحصول على أفضل ما يمكنها من سوق الانتقالات وسط ضيق الخيارات خصوصاً على الصعيد المحلي مع توزّع أفضل اللاعبين بين فرق المقدمة دون سواها.