لم يكن مخطئاً رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني عندما وضع على لائحة اهتماماته عند ترشحه لولايته الثانية مكافحة العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية. وهذا الأمر هو ما يشغل بدوره رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) السويسري جوزف بلاتر، إذ إن ما يحدث في الوقت الحالي من تمييز عنصري يطال اللاعبين من ذوي البشرتين السمراء والسوداء بات لا يحتمل، حيث إنك كيفما تصفحت المواقع الرياضية العالمية على شبكة الإنترنت ستطالعك الأخبار التي تتحدث عن العنصرية والتي تستهدف في هذه الأيام اللاعبين البرازيليين تحديداً. هكذا، وقبل أيام تعرض البرازيلي روبرتو كارلوس لعبارات عنصرية من المشجعين الذين ألقوا بقشر الموز على اللاعب، ناعتين إيّاه بالـ«قرد» وذلك خلال مباراة فريقه الجديد أنجي وزينيت سان بطرسبورغ في الدوري الروسي.
كارلوس أعرب عن سخطه لما شاهده من مظاهر العنصرية فى الدورى الروسي، الأمر الذي تكرر فى مباريات عديدة، مطالباً الاتحادين الدولي والأوروبي باتخاذ قرارات رادعة، قائلاً: «ما حدث غير مقبول تماماً وأثق بأن النادي سيبحث عن الجاني، فهذه هى الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة والتخلص من هذا الأمر».
وتشير التقارير الى أن هذه الحادثة العنصرية ليست بجديدة على الكرة الروسية، وخصوصاً أن هذه الأحداث تستمر منذ ما يقارب الخمس سنوات ليصبح تنظيم روسيا لكأس العالم فى ظل هذه المظاهر محل جدال فى حال عدم تدخل الفيفا لوقف العنصرية.
في غضون ذلك، كان مواطن كارلوس النجم الشاب نيمار يتعرض لإهانات عنصرية مماثلة خلال مباراة منتخبه الودّية أمام اسكوتلندا على ملعب «الإمارات» في لندن، كما أن مارسيلو تعرض للأمر عينه خلال مباراة فريقه ريال مدريد واتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني.
ما حدث مع مارسيلو حدث قبل أشهر مع مواطنه داني ألفيش لاعب برشلونة، وقد أكد الظهير الأيمن في تصريح صحافي أنه عانى كثيراً من عنصرية الجماهير الإسبانية منذ أن كان لاعباً في صفوف إشبيلية، إلا أنه تأقلم مع الوضع باعتباره أمراً واقعاً.
وأوضح ألفيش في تصريحات لصحيفة «فوليا دي ساو باولو» البرازيلية أن سهام العنصرية تصيبه «في كل المباريات»، حيث بات مألوفاً بالنسبة إليه أن يتلقى شتائم وأن يوصف من قبل الجماهير بـ«القرد».
ويرى ألفيش أن عنصرية الإسبان «خارجة عن السيطرة»، ويشدد على أن تلك الظاهرة التي طالت قبلاً لاعبين كثيرين، مثل الكاميروني صامويل إيتو لاعب أنتر ميلانو الإيطالي حالياً تمتد إلى جميع الملاعب الإسبانية وليست قاصرة على أقاليم بعينها. إلا أن هذه العنصرية لا تطال اللاعبين المحترفين فحسب، بل إنها تصل في بعض الأحيان الى الناشئين، وهذا ما حصل مع الإيطالي ستيفانو أوكاكا النيجيري الأصل، الذي تلقى عبارات عنصرية من والد أحد زملائه!
يأتي كل ذلك في الوقت الذي شهدت فيه ألمانيا أسبوعين من الأنشطة المتنوعة التى أقيمت من أجل تعزيز الانفتاح على العالم، والحث على التسامح ومناهضة العنصرية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصرية، وتضمنت مناقشات ومحاضرات وإجراءات تدريبية، ومشروعات فى المدارس، وأيضاً نداءات ضد العنصرية فى ملاعب كرة القدم. يبقى أن التحركات التي قام بها «الفيفا» في هذا الصدد كإقراره قانوناً أخلاقياً عام 2004 أو تعديل الفصل 58 من قانون «الفيفا» للانضباط بناءً على اقتراح تقدم به بلاتر، ويسمح بإنزال أشد العقوبات في حالة ضبط أفعال تنطوي على تمييز أو تفرقة عنصريين في مجال كرة القدم، لم تجدِ نفعاً حتى الآن، وربما قد يكون الآتي أعظم.