لا شك في أن بوروسيا دورتموند الألماني أذهل أوروبا بأسرها في الموسم الماضي عندما وقف ندّاً للأندية الكبرى في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، متصدراً مجموعته الحديدية في دور المجموعات أمام ريال مدريد الإسباني وأياكس أمستردام الهولندي ومانشستر سيتي الإنكليزي، ومطيحاً النادي الملكي نفسه في نصف النهائي بعد فوزٍ تاريخي في الذهاب 4-1، قبل أن يخسر المباراة النهائية بصعوبة بالغة أمام مواطنه بايرن ميونيخ 1-2.
ورغم أدائه اللافت في الموسم الماضي، إلا أن الفريق الأصفر خرج خالي الوفاض من دون أي لقب، حتى إنه فقد لقبيه في الدوري والكأس المحليين لمصلحة البافاري تحديداً، وأكثر فقد خسر جهود أحد أبرز مواهبه، ماريو غوتزه، لمصلحة بايرن أيضاً وأيضاً.
كثيرون طرحوا علامات مشككة في الصيف حول قدرة فريق المدرب يورغن كلوب على البروز مجدداً، وتحديداً في البطولة الأوروبية الأم، وخصوصاً مع رحيل غوتزه والتدعيمات القوية التي أبرمتها العديد من الفرق الكبرى. إلا أن ما هو واضح أن دورتموند لم يتغيّر قيد أنملة عن الموسم الماضي، لا بل أكثر فإنه بات أكثر قوة من ذي قبل، وهذا ما أفرزته المباراتان أمام بايرن (4-2) في الكأس السوبر وأمام أوغسبورغ (4-0) في افتتاح الـ«بوندسليغا» لموسم 2013-2014.
من شاهد المباراتين المذكورتين، فلا شك لمس أن دورتموند لا يزال هو نفسه: أداء سمته القوة والتجانس والانضباط التكتيكي والمتعة، فضلاً عن السرعة التي تربك أي خصم مهما علا شأنه، والأهم أن كلوب بات يمتلك خيارات أكثر متاحة بين يديه.
يمكن القول هنا إن دورتموند لعب سياسة ذكية في هذا الصيف؛ إذ فيما كانت الأنظار تتجه إلى بايرن مع قدوم الإسباني جوسيب غوارديولا واستقطابه غوتزه ومواطنه تياغو ألكانتارا أو إلى الصفقات الكبرى في باقي الأندية الأوروبية، كانت إدارة الفريق الواقع في مدينة الرور الصناعية تخطو خطواتها بدقة محققة أكثر من مكسب.
ففي الدرجة الأولى، كان الهمّ الأساس في ملعب «سيغنال إيدونا بارك» الحفاظ على نجوم الفريق وسط هجمة شرسة من الأندية الكبرى للحصول على تواقيعهم. هكذا، فشلت جميع المحاولات لإقناع ماتس هاملس وإيلكاي غوندوغان وماركو رويس بالرحيل عن صفوف دورتموند، وهذا مردّه أيضاً إلى وفاء هؤلاء للقميص الأصفر، وهذا بحدّ ذاته عامل قوة يستند إليه الفريق. وأكثر فقد آثر دورتموند الحفاظ على هدافه البولوني روبرت ليفاندوفسكي لموسمٍ أخير، رغم أنه سيرحل عن صفوفه الصيف المقبل مجاناً.
في الدرجة الثانية، استطاع دورتموند بحنكته الاقتصادية أن يستثمر على نحو بارع المبلغ الذي تحصل عليه من صفقة غوتزه بإبرامه 3 تعاقدات كان أبرزها، إضافة إلى اليوناني سقراطيس باباستاسوبولوس، ضمه الغابوني بيار - إيميريك أوباميانغ من سانت إتيان الفرنسي بـ 13 مليون يورو والأرميني هنريك ميختاريان بـ 27 مليون يورو.
ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه خليفة غوتزه، وهذا ما حصل بالتعاقد مع ميختاريان، فاجأ دورتموند الجميع بحصوله على أوباميانغ. «طبخة» اللاعب الغابوني لا شك أعدها كلوب قبل أي أحد في «سيغنال إيدونا بارك»، حيث أدرك الرجل أنه بحاجة إلى لاعب مهاري وقناص، وقبل كل شيء سريع لكي يتناسب مع أداء الفريق الأصفر، وهذا ما يبدو أن المدرب الشاب قد أصاب فيه مع التألق اللافت لأوباميانغ في المرحلة الاولى أمام أوغسبورغ بتسجيله ثلاثية «هاتريك».
التعاقد مع أوباميانغ يبدو مكسباً كبيراً لدورتموند؛ إذ فضلاً عن أنّ اللاعب الأسمر خير خلف لليفاندوفسكي في الموسم المقبل، فإن الغابوني قادر هذا الموسم على اللعب في أكثر من مركز، وتحديداً على الجهة اليمنى، حيث إنّ وجوده أمام البولوني ياكوب بلاتشيكوفسكي سيفتح جبهة لا شك مرعبة، كذلك فإنه قادر على اللعب على الرواق الأيسر مكان رويس، ما يتيح للأخير الفرصة للعب في مركزه المحبب وهو «تسعة ونصف» خلف ليفاندوفسكي والاختراق بالتالي من العمق مع مساندة من الغابوني على الطرف.
هذا مع الإضافة الكبيرة التي من شأنها أن يقدمها ميختاريان نظراً إلى الإمكانات الفنية الهائلة التي يمتلكها حيث يكفي سعره المرتفع مقارنة بأسماء كبيرة موجودة حالياً على الساحة للدلالة عليها.
إذاً، موسم جديد لدورتموند يتوقع أن يكون فيه قوياً كما سلفه، لا بل أكثر قوة. موسم يبدو واضحاً أن الفريق لن يرضى بأن يكتفي فيه بدور الوصيف، وهذا بالتأكيد ما يتنبه له جوسيب غوارديولا وباقي مدربي الأندية الأوروبية الكبرى.



غوتزه يتفهم غضب الجماهير

أبدى النجم ماريو غوتزه تفهمه لغضب جماهير بوروسيا دورتموند منه بسبب انتقاله إلى الغريم بايرن ميونيخ. وقال اللاعب الشاب في تصريح لمحطة «زد دي أف» المحلية: «يمكنني أن أتفهم غضب جماهير دورتموند. لقد لعبت لدورتموند مدة من الزمن، ومن ثم انتقلت إلى بايرن. لكن يجب رؤية الأمور من زاويتي أيضاً. لقد وقّعت لبايرن لأنني أريد أن أتطور».