لا يفترض أن يختلف اثنان على أحقّية كلٍّ من الرياضي ودينامو لبنان في الوصول الى النهائي الكبير في بطولة كرة السلة (ينطلق يوم الأحد المقبل). هما صاحبا العروض الأفضل بلا شك، إذ لا يمكن نسيان ما قدّمه دينامو خلال الموسم العادي حيث صعّب مهمة الجميع وتسيّد الترتيب العام، قبل أن يطلّ الرياضي في المرحلة التالية بصورة البطل ويعلنها بوضوح أنه يريد استعادة اللقب الذي خسره في الموسم الماضي أمام بيروت.
فاز الرياضي على دينامو قبل مرحلة نصف النهائي (فادي مرق)

أسباب وصول الفريقين المذكورين الى العرض الأخير توضح أحقّيتهما، إذ لا يخفى أنهما اجتهدا بإصرار لتحقيق هدفهما، متسلّحين بمجموعة من اللاعبين المحليين أصحاب القدرات الفنية الكبيرة، وبأجانب على مستوى عالٍ، حضروا بفعل العامل الأهم في الرياضة هذه الأيام وهو المال الذي مكّنهما من استقطاب لاعبَين كبيرين صنعا الفارق منذ اللحظة الأولى التي وصلا فيها الى لبنان، وهما الجنوب سوداني جو لوال أتشول من ناحية دينامو، والذي يقال إنه يحصل على الراتب الأعلى في كرة السلة اللبنانية، ومواطنه الدولي الأوسترالي ديوب ريث الذي يتقاضى رقماً ليس بأقل.

الأفضل بكل المعايير
بكل الأحوال، التوقف عند تشكيلة الرياضي يترك اقتناعاً بأنه المرشح الأول للفوز باللقب، لا فقط بسبب ضمّه نجوماً لبنانيين رائعين، أمثال: وائل عرقجي، أمير سعود، كريم زينون، هايك غيوقجيان، علي منصور وغيرهم، بل لأن العمق الموجود في تشكيلة المدرب أحمد فران لا مثيل له في أي فريقٍ آخر، وهو الذي يؤمّن له المتطلبات الفنية مهما كانت الظروف، حيث يستطيع تدوير فريقه كيفما شاء. أضف الى أن عامل الخبرة الحاضر عند الأساسيين وأيضاً عند البدلاء، على رأسهم المصري المخضرم إسماعيل أحمد، سمح له بالتفوّق في اللحظات الحساسة، والدليل الطريقة التي فاز بها في المباريات الثلاث أمام غريمه الحكمة حيث عاد من بعيد في أكثر من مناسبة ليحسم السلسلة بثلاثة انتصارات نظيفة.
قوة الرياضي أيضاً تكمن في معرفته اختيار الأجانب المناسبين الذين لا يقتلون دور أيّ لاعبٍ من المحليين، فجاء الأميركي كيفن مورفي أوّلاً ليكمل ترسانة التسجيل ويضيف سلاحاً جديداً إليها، بينما كانت نقطة التحوّل في موسم فريق المنارة وصول ريث الذي قام بتأمين القوة تحت السلة، وساهم بشكلٍ رئيسي في ارتفاع نسبة التسجيل، فكانت النتيجة بطاقة الى النهائي.
لا مكان للمفاجآت بل لمن يستطيع استقطاب الأفضل فصاحب الميزانية الأكبر هو الأقوى


أما من ناحية دينامو فكانت الصورة مشابهة في مكان، ومختلفة في مكانٍ آخر، لكن الأكيد أن ما أصابه هذا الفريق هو إنجازٌ كبير، أوّلاً لأنه يعدّ فتيّاً في اللعبة التي دخل إليها حديثاً، وثانياً لأنه عرف خضّات بسيطة بدليل ما صدر عن مدربه جاد الحاج قبل مدّةٍ قصيرة وسط غيابات مؤثرة ومستغربة عن صفوفه تمثّلت بالدولي كريم عز الدين وأحمد إبراهيم، وما تردّد عن امتعاض الأميركي زاك لوفتون بعدما سمع كلاماً عن إمكانية استبداله قبل «الفاينال 4».ّ بالفعل، تخطّي دينامو لكل ما حصل هو إنجاز بحدّ ذاته، وأيضاً طريقة إدارة الأمور فنيّاً هي إنجاز عبر جعل اللاعبين المحليين الذين يعدّ معظمهم خياراً ثانياً أو ربما ثالثاً لنجوم الرياضي في المنتخب، يؤمنون بإمكانية الوصول الى النهائي. كما يُحسب له توفير العنصر الأهم وهو المال لتعزيز صفوف الفريق وتثبيت أقدامه أكثر بين المنافسين، وتحديداً في ما خصّ استقدام لوال الذي سيكون الاسم الأهم في مواجهة «الأصفر» حيث سيترقّب الكل صراعه المباشر مع ريث.

المال هو الأهم
وبالحديث عن العنصر المادي، تأكّد أكثر بأن من يملك الميزانية الأقوى يمكنه الذهاب أبعد في مشوار البطولة، إذ لا مكان للمفاجآت هنا بل لمن يستطيع استقطاب الأفضل.
هذه المسألة يمكن إثباتها من خلال مقارنة تشكيلة بيروت في الموسم الحالي بتلك التي منحته اللقب الأول في تاريخه في الموسم الماضي، إذ عندما تخسر لاعبين من أمثال عرقجي، وهايك، وسيرجيو الدرويش، لن تكون الأمور سهلة، علماً بأن الكثيرين يتفقون على أن بيروت لو لم يلعب بأجنبي واحد بسبب إصابة الأميركي كيني هايس كان بإمكانه الخروج بنتيجة أفضل.
الواضح أن النادي الذي يحمل اسم العاصمة اللبنانية رفض الانجرار الى «بازار» السوق غير الطبيعي، وهو أمر منطقي، وذلك بعكس بعض الأرقام التي يطلبها النجوم لتجديد عقودهم للموسم المقبل، ما أعاد الكلام في الكواليس عن قبول نوادٍ عدة بفكرة العودة الى اعتماد 3 أجانب. هو المال فعلاً الذي كبح شجاعة الحكمة، وهو الفريق الذي حقق إنجازاً رغم عدم فوزه باللقب، إذ لا يمكن إغفال أن إدارة «الأخضر» منحت الثقة لمدربٍ شاب هو جو غطاس، وتعاقدت بقدر ما تستطيع مع ما يلتقي مع إمكاناتها المادية، فكان الوصول الى نصف النهائي بأداءٍ مميّز طوال الموسم، ففي نهاية المطاف لم يكن الحكمة ليوفّر بناء فريقٍ أقوى بكثير، لكن حتى الأمس القريب كان نادي منطقة الأشرفية لا يزال يعمل على تذويب كل الديون التي تركتها الإدارات السابقة.
إذاً، العرض الأخير سيكون جديداً على متابعي كرة السلة مع طرفٍ غير تقليدي في النهائي توعّد الرياضي بتصعيب حياته، فيما يمشي الأخير واثقاً بجعل حياة مشجعيه أجمل في نهاية البطولة.