ستة وستون عاماً مرَّت على خروج المغرب ممّا عُرف بـ«عباءة الحماية» الفرنسية. استقلالٌ لم يعد على المملكة العربية بتحررٍ كامل، إذ شهدت السنوات الماضية العديد من التوترات بين البلدين. يتنافس المنتخبان فنياً يوم الأربعاء على بطاقة النهائي، لكن الصراع الحقيقي يتخطّى المستطيل الأخضر.أزمة «صامتة» تمر بها العلاقات الفرنسية المغربية نتيحة خلافات متراكمة، آخرها «حرب التأشيرات». يأتي ذلك على خلفية القرار الباريسي الصادر في أيلول 2021، والذي يقضي بخفض عدد تأشيرات دخول المغاربة إلى فرنسا إلى النصف، بحجة «إحجام المملكة عن إعادة استقبال رعاياها المقيمين في فرنسا بصورة غير قانونية».
التوتر الأكبر يتعلق بـ«الصحراء الغربية»، حيث يثير عدم وضوح موقف فرنسا استياء المغرب. ترى الأمم المتحدة أن الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة، «منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي» في غياب تسوية نهائية. ويدور نزاع منذ عقود حول مصير الإقليم الصحراوي بين المغرب و«جبهة البوليساريو» المدعومة من الجزائر. وتتردد باريس بشأن ملف الصحراء، كما أثارت علاقاتها الجديدة مع الجزائر استياء المغرب. رغم ذلك، تشير الأوساط السياسية إلى سعي فرنسا لاتخاذ خطوات للتهدئة من أجل إعادة بناء العلاقات مع شريكها التاريخي في منطقة المغرب العربي دون أن ينعكس ذلك سلباً على الجزائر.
سيكون هذا اللقاء الرسمي الأول بين المغرب وفرنسا


كل هذه الأجواء ربما تكون حاضرة في مباراة بعد غدٍ، على اعتبار أن الفائز يسجل نقطة على الخصم.
ورغم الأزمة السياسية، وأزمة التأشيرات الجديدة، بقي احتراف العديد من المغاربة في فرنسا موجوداً. وللمفارقة، العديد من اللاعبين المغربيين ولدوا في باريس وضواحيها، مثل قائد أسود الأطلس رومان سايس وجناح فريق أنجيه سفيان بوفال. بالإضافة إلى بوفال، تضم صفوف المغرب لاعباً آخر يحترف مع أنجيه هو متوسط الميدان عز الدين أوناحي. ويلعب مع باريس سان جيرمان الظهير المغربي أشرف حكيمي منذ 2021.
تتعدد الأسماء لتشمل زكريا أبو خلال لاعب تولوز، والمدافع أشرف داري مع فريق بريست، من دون إغفال أن مدرب المغرب وليد الركراكي الذي يحمل الجنسية الفرنسية، وأمضى أغلب مسيرته الاحترافية في فرنسا مدافعاً عن ألوان تولوز وأجاكسيو وغرونوبل.
مواجهة مصيرية بين عناصر تعرف بعضها البعض جيداً، وسط ندية مضاعفة. الحافز هو بلوغ النهائي الأول للمغرب، والثاني توالياً لأبناء المدرب ديدييه ديشان.

(أ ف ب )

وما يضفي على اللقاء أجواء سياسية أيضاً، هو حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباراة الأربعاء، رغم إبداء العديد من الجهات الفرنسية رغبتها في مقاطعة المونديال العربي قبيل انطلاق البطولة. ماكرون غرّد بعد ربع النهائي على موقع تويتر: «مبروك للزرق! البلد كله يدعمكم: سنذهب إلى النهاية معاً. للمغاربة: نحيّي انتصاركم التاريخي. موعدنا نصف النهائي!»، وهي تغريدة رآها بعض المغاربة رسالة مبطّنة من الرئيس الفرنسي «بأننا سنغلبكم».
لا كفة مائلة لمنتخب على حساب آخر، وخاصةً أن هذه المباراة هي الرسمية الأولى التي يلتقي فيها المغرب وفرنسا في بطولةٍ كبرى. كانت هناك خمس مواجهات فقط بين «الديكة» و«أسود الأطلس»، مالت خلالها الكفة لمصلحة منتخب فرنسا بثلاثة انتصارات، وتعادلين، بينهما واحدة فقط حسمها منتخب المغرب لمصلحته عبر ركلات الترجيح.