لم يكن من السهل على أنس النجاح في المستوى العالي، نظراً إلى الصعوبات التي لازمتها طوال مسيرتها منذ سنّ الثالثة من عمرها.اضطرت أنس، المولودة في مدينة قصر هلال بجهة الساحل التونسي عام 1994، للابتعاد عن عائلتها في سن الـ13 من أجل الانتقال إلى العاصمة التونسية، حيث بدأت دراستها في المعهد الرياضي المتخصص في تكوين الأبطال بمختلف الرياضات.
وبالنظر إلى الإمكانات الكبيرة التي أظهرتها حينها، قام الاتحاد التونسي للتنس بتوفير جملة من الملاعب، فضلاً عن قاعة تقوية عضلات من أجل التدرب فيها، غير أن ضعف الإمكانات والحالة السيئة التي كانت عليها البنية التحتية منعاها من التطور والتقدّم.
نظراً إلى ذلك، هاجرت جابر إلى فرنسا حيث خضعت لبرنامج خصوصي تحت إشراف مدربين عالميين من أجل صقل موهبتها، ولقيت سنداً كبيراً من عائلتها التي وفّرت لها الإمكانات المادية اللازمة من أجل السفر والمشاركة في البطولات.
في هذا الصدد، قالت أنس في تصريحٍ لصحيفة ليكيب الفرنسية: "لم يكن لديّ أموال للسفر والتعاقد مع مدربين أكفاء، لولا عائلتي لم يكن بإمكاني اللعب في المستوى العالي. كان إخوتي يقومون بتحويل الأموال إليّ بصفة دائمة من أجل المشاركة في البطولات".
لم تُحرج أنس من الحديث عن السخرية التي لاقتها بسبب طبيعة وزنها أيضاً والتي لا تتماشى مع السائد في عالم التنس النسائي، حيث قالت في هذا السياق: "أنا سعيدة بتركيبتي البدنية، أعلم أنني لست اللاعبة الأكثر رشاقة في ملاعب التنس، غير أن العديد من اللاعبات لا يملكن لمستي للكرة".
تُعتبر التونسية أُنس جابر أول لاعبة عربية تحرز لقباً في بطولات رابطة المحترفات في كرة المضرب بفوزها في نهائي دورة برمنغهام على الروسية داريا كاساتكينا بمجموعتين متتاليتين (7-5) و(6-4).
شكّل فوز جابر على ويليامز مفاجأة كبيرة في عالم التنس


وسبق لجابر أن بلغت مباراتين نهائيتين، الأولى في موسكو عام 2018 عندما خسرت أمام كاساتكينا نفسها، وفي تشارلستون حين خسرت أمام الأسترالية أسترا شارما. آخر إنجازات أنس، المصنّفة 24 عالمياً، هو أنها أصبحت أول تونسية تبلغ الدور الثالث من بطولة ويمبلدون الإنكليزية، ثالثة البطولات الأربع الكبرى في كرة المضرب، بفوزها على الأميركية المخضرمة فينوس وليامز حاملة اللقب خمس مرات (7-5)، (6-0) الأربعاء. وقالت جابر (26 عاماً) عقب انتصارها الكبير: "صراحة كنت متوترة كثيراً، إنها المرة الأولى التي ألعب فيها ضد أسطورة ولكن المباراة كانت جيدة". ثم تابعت: "أسلوبي يناسب الملاعب العشبية. وأستمتع بذلك. آمل أن أواصل المشوار».
وأكدت اللاعبة التونسية التي ستشارك في أولمبياد طوكيو الشهر المقبل أنها "بلغت ربع النهائي في أستراليا المفتوحة (2020) وأريد أن أحقق نتيجة أفضل من تلك". لا تخفي أنس رغبتها في أن تشكل مصدر إلهامٍ للنساء العربيات ليمارسن رياضة كرة المضرب ويحترفن بها من أجل أن يرتفع عددهن ضمن دورات رابطة المحترفات ويصبحن قوة ضاربة مثل الأميركيات والأوروبيات، حيث قالت في هذا الصدد: "أن أكون اللاعبة العربية الوحيدة (في هذا المركز المتقدم) ضمن دورات رابطة المحترفات ليس بالأمر السهل"، وتابعت: "ربما هناك من يشاهدني الآن ويريد أن يكون مكاني".
ثم أردفت: "كل ما أريد قوله، إنني إذا وصلت، فلا شيء مستحيل. كما قلت من قبل، أحاول دائماً أن ألهم الأجيال الأخرى". وفي تصريحٍ سابق لها، صرّحت أنس: "ألعب التنس منذ كنت صغيرة لهدفٍ واحد وهو تأكيد أن المرأة العربية قادرة على فعل المستحيل، أعتبر نفسي سفيرة لبلدي وللمرأة العربية، أشعر بفخر كبير عندما ألاحظ أن عدد اللاعبين في رياضة التنس ارتفع بـ10 أضعاف ما كان عليه بعد فوزي بدورة رولان غاروس للشابات في سنة 2011".
وكانت فينوس بالذات، الشقيقة الأكبر لسيرينا التي خرجت أيضاً من الدور الأول بسبب الإصابة إثر انزلاقها، أشادت بأنس قبل المباراة بالقول: "سترون جيلاً جديداً من السيدات من شمال أفريقيا يأتين إلى عالم كرة المضرب والفضل كله يعود إليها. إنها تلهم الكثيرات بمن فيهن أنا".
أنس قادمة بقوة وهي تشكّل اليوم أحد أبرز ممثلي العرب في عالم الرياضة. المسار المتصاعد لمسيرتها في عالم كرة المضرب قد يوصلها إلى مراكز استثنائية بالنسبة إلى اللاعبات العربيات، اللواتي أصبحن بدورهنّ يقتدين بالنجمة التونسية الصاعدة.
(الأخبار)