لمن ليس على دراية بما قدّمه ميسي الموسم الماضي، لا بأس ببعض الأرقام: ليو ميسي، هو أكثر من سجّل أهدافاً في 2018 إلى جانب كريستيانو رونالدو بـ45. ميسي هو أكثر من صنع أهدافاً في 2018 بـ23 تمريرة حاسمة، متفوّقاً على لاعبين يتخصّصون بصناعة الأهداف ككيفين دي بروين وإيسكو وجايمس رودريغيز وكريستيان إيركسن. وبالأرقام أيضاً، ليو هو أكثر من حقّق مراوغات ناجحة في 2018، إضافة إلى أنه أكثر لاعب خلق فرصاً محقّقة للتسجيل في العام نفسه. هدّاف الدوريات الخمس الكبرى (الحذاء الذهبي) بـ34 هدفاً. أرقام كبيرة من لاعب اعتاد الجميع على مشاهدة هذه الأرقام منه، وهنا تكمن المشكلة. تقديم ليو ميسي للأداء المميّز في كل سنة، جعل المتابعين والمنتقدين لا يتعجّبون من لاعب يقدّم لهم وفي كل عام، أرقاماً كبيرة. وهذا ما حدث فعلاً، وهذا هو السبب الرئيسي حول عدم إدراج اسم «ميسي» بين الثلاثة مرشّحين ربّما. لماذا؟ على سبيل المثال، نجم ليفربول ومنتخب مصر محمد صلاح، قدّم موسماً استثنائياً، وأصبح الهدّاف التاريخي للدوري الإنكليزي خلال موسم واحد بـ32 هدفاً، رقم مميّز من لاعب لم يتوقّعه أحد في البداية، إضافة إلى أرقامه في دوري الأبطال وبلوغه النهائي. ليس تقليلاً من شأن صلاح، ولكن هذه الإنجازات التي حققها لاعب ليفربول، يحققها ميسي في كل موسم، وهذا ما زاد من الـ«وهج الإعلامي» على صلاح، الذي أصبح حديث الصحف والإعلام والرقم واحد في كل شيء، لأن ما قام به ببساطة «لم يكن متوقّعاً!». أرقام ليو ميسي الفردية تتفوّق وبكل شيء على أرقام صلاح، ولكن ما أنجزه صلاح، وتفوّقه على «صلاح نفسه»، هو السبب الرئيسي خلف إدراج اسمه بين المرشحين الثلاثة.
لأوّل مرّة منذ 12 عاماً غاب ميسي عن أفضل ثلاثة لاعبين في العالم
من الأسباب التي لم تُسعف ميسي في أن يكون على منصّة التتويج أيضاً، هو فريقه برشلونة وإدارته. صحيح بأن الإدارة تمكّنت من التعاقد مع فيليبي كوتينيو، لكن كوتينيو نجم ليفربول السابق لم يكن من ضمن اللاعبين الذين شاركوا في دوري الأبطال. إضافة إلى كوتينيو، تعاقدت إدارة النادي مع عثمان ديمبيلي، الفرنسي الشاب صاحب الـ19 عاماً ليكون بديلاً لنيمار! ومع تراجع أداء سواريز، وجد ميسي نفسه وحيداً في خط المقدّمة، ممّا دفع به ليقدّم كل ما لديه، وتمكّن ورغم تراجع فريقه، من تحقيق لقب الدوري والكأس وكأس السوبر الأوروبي. أن تكون أنت أفضل هدّاف في فريقك متفوّقاً على رأس الحربة ومهاجم الفريق، وأن تكون أفضل صانع ألعاب في فريقك أيضاً، هذا ما يوضح بأنّ برشلونة في حالة سيّئة، ويوضح بشكل أكبر، بأن ميسي يتحمّل عبء الفريق كاملاً. أضف إلى ذلك، تجربة النجم الأرجنتيني مع منتخب بلاده في المونديال، أسماء لا يعرفها المشجّعون، أسماء كميزا، بافون، اينزو بيريز، ميركادو، وغيرهم، كانوا إلى جانب كلٍّ من ميسي وأغويرو في بطولة كأس العالم الأخيرة. لم يستطع ليو أن يقدّم كل ما لديه، ورغم ذلك، استطاع المنتخب الأرجنتيني بأسوأ نسخه، وبقيادة ميسي أن يُحرج منتخب «الديوك» الفرنسية، الذي تمكّن من الفوز بنتيجة 4-3.
خلاصة ما تقدّم، أن ميسي سيظل بنظر الكثير من المتابعين والمحلّلين، من بين أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، ولكن «الإعلام» يتماشى مع «الموجات» التي تتفاعل معها الناس أكثر، وهذا ما حدث مع صلاح، ومع مودريتش. الأخير، ورغم أدائه الـ«بطولي» في كأس العالم إلا أنه كسب عاطفة الكثير من المشجعين والمنتقدين، وهذا ما منع الـ«فيفا» من أن تعطي الكرة الذهبيّة لكريستيانو رونالدو هذه المرّة. لا يعني ذلك بأن مودريتش لا يستحق الجائزة، ولكن هي أسئلة تُطرح في كل العالم، حول أحقيّة أي لاعب بحمل الجائزة، خاصة ميسي ورونالدو. انتهى الحفل، وفاز مودريتش، ولكن الجدل لن ينتهي بعد وقت قصير.
شنايدر المظلوم
أرقام لوكا مودريتش حققها في السابق لاعب منتخب هولندا ويسلي شنايدر، الذي قدّم موسماً مميّزاً مع فريقه الإيطالي إنتر ميلانو، ومنتخب بلاده. فاز شنايدر بدوري أبطال أوروبا 2010، إضافة إلى وصوله لنهائي كأس العالم، وكان أداؤه مؤثّراً في البطولة. ولكن كل هذه الأرقام، لم تساعده على حمل جائزة أفضل لاعب في العالم. في 2010، حقق ليو ميسي الجائزة، رغم أن شنايدر كان الأحق بها. ما يتفوّق فيه شنايدر عن مودريتش، هو أن صانع الألعاب الهولندي حقق مع فريقه لقبين إضافيين لم يحققهما مودريتش، لقبي الدوري والكأس المحليين. خمسة ألقاب حصدها نجم إنتر ميلانو، مقابل لقب وحيد «جماعي» حققه مودريتش مع ريال مدريد. هنا يجب التطرّق للـ«معايير» التي يضعها «الفيفا». لكن الأمر واضح، فهناك لاعبان اثنان، الأول لم يحالفه الحظ، والثاني تمكّن من الفوز بالجائزة، التي عصيت على غير شنايدر أيضاً، إنييستا، تشافي، وغيرهم من لاعبي خط الوسط المميزين.