شهدت المراحل النهائيّة من بطولة لبنان الموسم الماضي إصابة عدد من اللاعبين اللبنانيين والأجانب. ربما كان سبب هذه الإصابات قوّة المباريات خلال الدوري، وعدد المشاركات الكبير للأندية سواء في بطولتي الدوري والكأس، إضافة إلى بطولات آسيا والعرب والبطولات الوديّة، والمشاركات الدوليّة مع المنتخب. الإصابات أثّرت على الأندية واللاعبين، الذين لا يزال بعضهم مصاباً حتى اليوم.مرحلة صعبة يعيشها نادي الرياضي بيروت لكرة السلّة، بعد خسارة لقبه الآسيوي مؤخراً في تايلاند، حيث خرج من الدور الأوّل بعد فوز وخسارتين. أكثر المتشائمين لم يكن يتوقّع هذه الخسارة على اعتبار أن الرياضي هو بطل اللقب السنة الماضية، ووصيف البطولة في عام 2016. خسارة الرياضي للقبه ليست هي المشكلة التي تؤرق النادي واللاعبين، بقدر ما هي الإصابات التي تعرّض لها عدد من نجوم النادي، وهذا الأمر انسحب على لاعبين في أندية أخرى في لبنان كنادي بيروت والحكمة والشانفيل وغيرها من الأندية لأسباب عدّة، لعلّ أبرزها قوّة الدوري اللبناني، إضافة إلى العدد الكبير من المباريات التي يشارك فيها اللاعبون.
صانع الألعاب في الرياضي بيروت وائل عرقجي تعرّض لقطع في الرباط الصليبي قبل أشهر، وهو لن يعود إلى الملاعب قبل ثلاثة أشهر على الأقل. كذلك الحال مع صانع ألعاب الحكمة السابق والشانفيل الحالي علي مزهر، الذي تعرّض في بطولة دبي الأخيرة لقطع في الرباط الصليبي أيضاً. إيلي شمعون لاعب نادي بيروت الحالي وهومنتمن السابق تعرّض لإصابة كبيرة في قدمه، خلال مشاركته في تصفيات كأس العالم برفقة منتخب لبنان قبل أسابيع، وربما قد يبتعد بسببها عن الملاعب لأكثر من 6 أشهر. مدافع نادي الرياضي بيروت جان عبد النور تعرّض مؤخراً أيضاً لإصابة بإصبع اليد وخضع لعملية جراحية. وبعده أصيب اسماعيل أحمد في بطولة آسيا الأخيرة عندما كان برفقة نادي الرياضي. كثرت الإصابات خاصة للاعبي النادي الرياضي على اعتبار أنهم يشاركون في مختلف البطولات المحليّة (دوري وكأس وبطولات وديّة) وفي البطولات الآسيوية (آسيا وغرب آسيا)، كما أن معظمهم من لاعبي منتخب لبنان، وبالتالي فإن إمكانيّة تعرّضهم للإصابة تكون أكبر.
كابوس الإصابات الذي يضرب أبرز لاعبي نادي الرياضي ـ بيروت، وعدد من لاعبي باقي الأندية بينهم نادي بيروت والشانفيل يعزوه المعالج الفيزيائي للمنتخب الوطني ونادي بيروت خليل نصار إلى أنّ «موسم بطولة لبنان أصبح طويلاً جداً في لبنان، بحيث يبدأ في شهر تشرين وينتهي أواخر الربيع، وتتضمن هذه الفترة بطولة حسام الدين الحريري، بطولة دبي، بطولة هنري شلهوب، إضافة إلى استحقاقات منتخبنا الوطني التي تسبقها معسكرات مكثفة، وبالتالي كل هذه العوامل تنعكس سلباً على الجهوزية البدنيّة للاعب اللبناني الذي يفتقد إلى عامل الراحة، بسبب عدم وجود مدة زمنية قصيرة ما بين كل استحقاق».
الحل يكون في خلق مسافة راحة ما بين بطولة وأخرى


وفي حديث مع الأخبار لفت نصّار إلى أنّ «الجهاز الطبّي في أي نادٍ يقوم بواجبه على أكمل وجه، ويرسل تقريراً يومياً إلى الجهاز الفني، ويعقد معه اجتماعاً لمدة نصف ساعة للوقوف على آخر التطورات، والمدرب اللبناني بات يتقبل واقع فريقه ولا يتخذ قرارات فرديّة بإشراك أي لاعب معرّض للإصابة، خوفاً من أن يفتقد لجهوده حتى نهاية الموسم، ومن جهة ثانية احتراماً والتزاماً منه بالتقرير الطبي»، مشيراً إلى أن «اللاعبين اللبنانيين اليوم يخوضون مباريات على مستوى عالٍ جداً، حيث أصبح الدوري اللبناني للسلة في مستوى الدوريات المحترفة ومن الأفضل عربياً وآسيوياً في المنطقة».
وفي حين أكّد خليل أن «واجب الجهاز الطبي للفريق هو منع حدوث الإصابة»، قال إن «اللاعب اللبناني يلتزم دوماً بضوابط وتعليمات المعالج الفيزيائي، حتى أنه وصل إلى مرحلة بات قادراً فيها على تحديد حجم إصابته وتقدير مدى خطورتها»، مؤكداً أن «نسبة التعرض لإصابات جديدة تبقى كبيرة نتيجة تواصل البطولات واحدة تلو الأخرى، ليبقى الحل في خلق مسافة راحة ما بين بطولة وأخرى، وهذه المسؤولية تقع على عاتق الاتحاد الدولي لكرة السلة». وفي هذا الإطار يطالب العديد من الجهات والاتحادات السلويّة في آسيا، بضرورة وضع جدول (رزنامة) بطولات تأخذ بعين الاعتبار فترات الراحة التي يحتاج لها اللاعبون لكي لا تتكرر الإصابات.
وليس بعيداً عن موضوع الإصابات في ملاعب كرة السلّة، تحدّث بعض المدربين عن خوف اللاعبين خاصة الأجانب من اللعب بشكل قوي وباندفاع بدني في الدوري اللبناني خوفاً من الإصابة، وبالتالي إمكانية خسارة مشاركتهم في الدوري الصيني أو بطولات بعض دول آسيا عند انتهاء بطولة لبنان، أو حين تنتهي عقودهم في بيروت. وفي هذا الإطار كان قد تحدّث مدرب نادي الرياضي أحمد فرّان قبل بطولة آسيا عن أن مجنس النادي الموسم الماضي مايك هاريس تفاجأ بقوة الدوري اللبناني، وبالتالي لم يقدّم كل ما يملك خلال فترة وجوده في لبنان خوفاً من الإصابة.
الأكيد أن المشكلة ليست بقوّة الدوري اللبناني، بل إن هذا الأمر يعكس مدى تطور اللعبة في لبنان، وتحسّن مستوى كرة السلة اللبنانية مقارنة بالعديد من الدول في آسيا، ولكن تبقى المشكلة التي تؤدي إلى إصابة اللاعبين هي عدد البطولات الكبير على المستويين المحلي والقاري، إضافة إلى تصفيات بطولتي آسيا والعالم، من دون إغفال المباريات الوديّة والمعسكرات.