لم يكن نبأ تعيين النجم الفرنسي السابق تييري هنري مساعداً ثانياً للإسباني روبرتو مارتينيز، مدرب منتخب بلجيكا، عادياً بالنسبة للفرنسيين حيث أبدت صحفهم اندهاشها تماماً كحال كل من سمع هذا النبأ. وكذا بدت صعبة التصديق الصور التي نشرت أول من أمس لوصول "تيتي" إلى معسكر تدريبات منتخب "الشياطين الحمر" وهو يرتدي قميص بلجيكا ومن ثم يشرف على التدريبات إلى جانب النجم إيدين هازار والحارس ثيبو كورتوا والبقية.
فعلاً فاجأ هنري الجميع باستلامه هذا المنصب في الجارة اللدودة لفرنسا وخصوصاً أنه لم يخض أي تجربة تدريبية وهو يعمل محللا لشبكة "سكاي سبورتس" التي وقّع عقدا معها لمدة ست سنوات مقابل 30 مليون يورو بحسب صحيفة "ذا دايلي مايل" الإنكليزية، لكن هذا لا يمنع من أن هذا التعيين يحمل نقاطاً إيجابية بالنسبة الى بلجيكا ونجم أرسنال الإنكليزي وبرشلونة الإسباني السابق على السواء.
16 دولياً بلجيكياً في الدوري الإنكليزي حيث تألق هنري

بالنسبة لبلجيكا، وكما أوضح مارتينيز عند إعلانه تعيين هنري، فإن الفرنسي سيفيد "الشياطين الحمر" بتجربته وخبرته التي اكتسبها خلال مسيرته وتحديداً في المناسبات الكبرى إذ إنه سبق له خوض الكثير من البطولات القارية والعالمية وفاز مع منتخب "الديوك" بلقبي كأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000 وهذه النقطة تحديداً هي التي افتقدها المنتخب البلجيكي في بطولتيه الأخيرتين في مونديال 2014 وكأس أوروبا 2016 اللتين دخلهما مدججاً بالنجوم ومرشحاً للقب وإذا به يخرج منهما خائباً حيث بدا اللاعبون فاقدين خبرة التنافس للوصول إلى منصة التتويج.
كذلك فإن هنري قادر على تقديم الإضافة في الشق الهجومي لمنتخب بلجيكا، الذي يُعدّ نقطة قوته بوجود العديد من الأسماء الكبيرة مثل هازار وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو وديفوك أوريجي وغيرهم، وبطبيعة الحال فإن وجود أفضل هداف في تاريخ المنتخب الفرنسي إلى جانب هؤلاء سيكون مفيداً لناحية توظيفهم على النحو الجيد وهي المهمة التي فشل فيها المدرب السابق مارك فيلموتس.
كما أن إحدى النقاط الأساسية للإستعانة بهنري هي خبرته في الكرة الإنكليزية، حيث لعب في الـ "بريميير ليغ" في صفوف أرسنال منذ عام 1999 حتى 2007 ومن ثم في 2012 كان فيها نجماً فوق العادة تتحدث عنه أهدافه الـ 226 في 370 مباراة بقميص "الغانرز"، إذ إن 16 من أصل 23 لاعباً في المنتخب البلجيكي يلعبون في الدوري الإنكليزي ومعظمهم من النجوم والدعائم الأساسية لـ "الشياطين الحمر". وبالتأكيد فإن حضور هنري المطلع عن كثب على كرة الإنكليز سيمكّنه من توظيف هؤلاء اللاعبين وفق أسلوب الكرة في الـ "بريميير ليغ" وبحسب مؤهلات كل لاعب، وهذه نقطة أولاها القائمون على الكرة البلجيكية أهمية، إذ إن المدرب مارتينيز قضى فترة مميزة في إنكلترا بإشرافه على إفرتون كما أن مساعده الأول هو الإنكليزي غراهام جونز.
أضف إلى ذلك، فإن هنري ونظراً لسنه الصغيرة مقارنة بأعمار المدربين فإنه قادر على بناء علاقة ثقة متقاربة مع اللاعبين وهذا ما ظهر منذ الحصة التدريبية الأولى الإثنين حيث غرّد بعدها اللاعب ميتشي باتشواي على "تويتر": "لا أعلم إذا كنت استمعت من أهلي هكذا" مع "هاشتاغ" "التعلم من الأفضل".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا اختار هنري منتخب بلجيكا؟
بالتأكيد هنا فإن النجم الفرنسي يتطلع لبدء تجربة جديدة في مسيرته في عالم التدريب والسير على خطى أبناء جيله في بلاده: لوران بلان وديدييه ديشان وزين الدين زيدان الذين سبقوه إلى هذا المجال وهو حصل بالفعل قبل فترة على شهادة في التدريب. لذا فإن "تيتي" لا يريد أن يحرق المراحل وأن يسير خطوة خطوة للوصول إلى مقعد فريق كبير أو منتخب بلاده ربما إذ إن فرصة العمل كمساعد لمدرب بلجيكا لا تأتي كل يوم ومن شأنها أن تضيف إلى سيرته الذاتية التدريبية الكثير حيث إن المشروع البلجيكي واعد.
تجربة هنري مع بلجيكا لا شك تستدعي الإهتمام والمتابعة، وأولى الأضواء عليها ستكون في المباراة الودية بين بلجيكا وإسبانيا غداً، حيث إن جلوس الفرنسي على مقعد تدريب بلجيكا لن يكون بالحدث العادي.