أبو الهيجا والـ«3 دقّات»: مسحراتي «الهيبة»

  • 0
  • ض
  • ض
أبو الهيجا والـ«3 دقّات»: مسحراتي «الهيبة»

لا يفارق اللباس العربي التقليدي يوميّات محمود ديب صوان. برغم عمله نهاراً في مهنة الديكورات، أوجد منذ أكثر من ثلاثين عاماً، فسحةً ليلية يعبّر فيها عن عشقه للتراث الدمشقي. أسس ابن حيّ القيمرية (في دمشق القديمة) فرقة «عراضة شامية وسيف وترس»، تركت بصمتها، على كثير من الأعراس والحفلات، فضلاً عن المشاركة في الفعاليات التراثية والخيم الرمضانية في سوريا وعدد من الدول العربية. ورث صوّان (47 عاماً) حب التراث الدمشقي عن جده، وورث مقتنياته من قطع اللباس العربي، كالصدرية، والشال العجمي، المصنوعين من خيوط الحرير على النول اليدوي، بما يعنيه ذلك من قيمة معنوية ومادية كبيرة. «أحافظ على لباسي العربي وأجدده باستمرار، وتصل تكلفته كاملاً إلى نحو مليون ليرة. عندما أرتديه أشعر بالهيبة» يقول لـ«الأخبار». يعشق صوّان عمل «المسحراتي» منذ طفولته، حين كان يلحق مع رفاقه بمسحّر الحي، ويردد خلفه ترنيمات إيقاظ النائمين لتناول السحور. لاحقاً، تسلّم بنفسه هذه المهمة، وصار «مسحراتي حي القيمرية» المعتمد من لجنة الحي. يؤكد الرجل الملقب بـ«أبو الهيجا» أن عمل المسحراتي له شروط معينة، كالقدرة على حفظ الابتهالات الدينية، وربط كل ترنيمة بالوقت المناسب لها من الشهر الكريم، وتأليف ترنيمات جديدة لـ«الخروج عن الروتين». إضافة إلى حفظ أسماء سكان الحي، ونسج علاقة طيبة معهم. كذلك، ينبغي للمسحراتي «التمييز بين متطلبات العمل في الأزقة الضيقة باستخدام طبلة صغيرة، ونظيرتها بين الأبنية السكنية العالية التي تحتاج طبلاً، ليصل الصوت إلى جميع المنازل»، علاوة على التمتّع بجمال الصوت، والقدرة على إيصال النغمة المطلوبة، التي تتألف من ثلاث دقات وجملة بقافية موحدة. يرى أبو الهيجا أنه «لم تعد هناك حاجة لوجود المسحراتي كمنبه لوقت السحور. الغاية هي المحافظة على هذا التراث، الذي يغني الروح ويعطي شعوراً بالسعادة». لم يتوقف صوان عن مزاولة عمل المسحراتي خلال أعوام الحرب القاسية، لأنه يرى أن «الشام محمية من رب العالمين». وبرغم القذائف الكثيرة التي كانت تتساقط على أحياء دمشق القديمة، استمرّ في تجواله الليلي، منادياً الناس: «قوموا على سحوركم إجا رمضان يزوركم».

0 تعليق

التعليقات