في كتابه المرسل بتاريخ 18 كانون الثاني 2021، يقول وزير الطاقة ريمون غجر إن الوزارة فسّرت عبارة «تكون الصفقة من خلال مناقصة دولية تشترك فيها شركات نفط عالمية» بأن مجلس الوزراء يريد «حصراً» إشراك شركة نفط دولية، بما فيها شركات وطنية تملكها دول وتتمتع بخبرات واسعة في مجال تجارة النفط ومشتقاته في هذه المناقصة من دون وسيط ودون التلزيم من الباطن، وأعدت دفاتر الشروط اللازمة لذلك. (نص البند ح على: «يفترض بالعارض أن يكون شركة نفط عالمية»، ونصت المادة 23 على أنه «لا يحق لأي من الفريقين أن يتنازل كلياً أو جزئياً عن أي من حقوقه وموجباته، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأي طرف ثالث»).
في المقابل، يشير غجر في كتابه إلى أن إدارة المناقصات فسّرت قرار مجلس الوزراء (بموجب كتابها المرسل إلى المديرية العامة للنفط في 13/1/2021) بأن «مشاركة شركات نفط عالمية لم ترد في متن هذا القرار على النطاق الحصري، ولا تحول دون مشاركة الشركات الأخرى الوطنية والمحلية». وقد اعتبرت «المناقصات» أن «فرص نجاح المناقصة وتحصينها من أي طعن محتمل بها يفرضان توسيع قاعدة المنافسة، كما توضيح قواعد المشاركة وآليات التنفيذ قبل إطلاق المناقصة».
طلب وزير الطاقة «الإفادة عن تفسير قرار مجلس الوزراء» كان لافتاً في عنوانه. لم يذهب وزير الطاقة إلى طلب حسم الخلاف كما جرت العادة في هذه الحالات، بل طلب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تفسير القرار. وهذا طلب يصعب عملياً تنفيذه، لأنه ببساطة لا الأمين العام لمجلس الوزراء يحق له تفسير القرارات الحكومية، ولا رئيس الحكومة نفسه يستطيع ذلك. وهذا أمر يسري أيضاً على رئيس مجلس النواب وعلى الأمين العام لمجلس النواب، وكلاهما لا يحق لهما تفسير القانون على سبيل المثال. قانوناً، الجهة التي أصدرت القرار هي وحدها من يحق له تفسيره، حتى لو كان ذلك عن طريق قرار جديد. كذلك فإن القضاء الإداري يمكنه تفسير القرار في حال طرحت عليه قضية ما يفترض لحلها اللجوء إلى قرارات مجلس الوزراء.
وبناءً عليه، كان بديهياً أن تشير الأمانة العامة لمجلس الوزراء في كتابها الجوابي الذي وصل أمس إلى وزارة الطاقة إلى أنها «لا تملك اختصاص تفسير القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء بحيث إن تفسير تلك القرارات يعود حصراً لمجلس الوزراء دون أي مرجع إداري آخر». كما أشارت إلى أن دورها يقتصر على عرض مضمون مداولات الجلسات بناءً على الطلب، وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء. لذلك، أوضحت الأمانة العامة أنه بحسب مداولات مجلس الوزراء، فإن «المقصود بشركات النفط العالمية هو الشركات العالمية، لبنانية أو غير لبنانية».
هل يحسم هذا التوضيح الخلاف بين «الطاقة» و»المناقصات»؟ وزير الطاقة أكد لـ»الأخبار» أن لا خلاف مع «المناقصات» في هذه النقطة. فالوزارة غير مستعدة للمساهمة في منع الشركات اللبنانية التي تراعي الشروط المطلوبة من التقدم، لا بل هي ترحب بمشاركتها. لكن التخوف يكمن لدى وزير الطاقة من إمكان دخول شركات لبنانية غير مؤهلة تحت جناح الشركات العالمية، من خلال إجراء تحالفات تتحول فيها الشركات العالمية، مع الوقت، إلى واجهة، فيما العمل الفعلي تقوده شركات لبنانية غير مؤهلة. كما يوضح أن دخول تحالفات إلى المناقصة سيؤدي إلى عدم القدرة على تقييم العروض، ومن شأنه الإخلال بالشرط المفروض بقرار مجلس الوزراء الذي حصر المشاركة بالشركات العالمية دون سواها.
الأمانة العامة لمجلس الوزراء ترد على غجر: لا صلاحية لنا لتفسير قرار الحكومة
ولذلك، تبقى الأولوية بالنسبة إليه لأن تشمل المناقصة الشركات العالمية أو اللبنانية التي تملك صفة العالمية، من دون أن يعني ذلك أن هذه الشركات لن تكون قادرة على التعاقد مع وكلاء لبنانيين أو فتح فروع لبنانية للشركة. لكن بالنسبة إلى الوزارة فإن العلاقة التعاقدية يجب أن تبقى مع الشركة العالمية صاحبة العرض.
هل ستسير إدارة المناقصات بهذا التوجه؟ سبق للعليّة أن أكد أنه من الناحية القانونية، فإن المطلق يفسّر على إطلاقه، ولا سيما بالنصوص التي تتعلق بحرية المنافسة والمبادئ الاقتصادية العامة، والاستثناء يفسر حصراً وبصورة ضيقة في حدود النص الذي يجيزه متى وجد. وهذا يعني بالنسبة إليه عدم وجوب تقييد حق مشاركة الشركات الوطنية والمحلية في المناقصة. وعليه، فإن ما صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء لا يغيّر في هذا الاقتناع من حيث المبدأ، لكن العليّة رفض التعليق على الكتاب، بانتظار تسلّمه رسمياً.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا