من ضمن القيود التي وضعتها على عمليات السحب والتحويل، قرّرت المصارف أن تلغي التسهيلات المصرفية لزبائنها من الشركات الكبيرة والصغيرة، أو أن تخفض سقف هذه التسهيلات، ما أدّى إلى حدوث موجة شيكات مرتجعة بين الشركات وتعطيل أعمال القطاع الخاص الراكدة أصلاً. هذا التطوّر السلبي ناتج من القرار المتفق عليه بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف على تقييد حركة سحب الأموال وتحويلها. عملية التقييد، أو ما يسمى «كابيتال كونترول»، كانت قبل إقفال المصارف لنحو 12 يوم عمل، عبارة عن إجراءات روتينية تقوم بها المصارف من دون أن يشعر بها الزبائن، إلا أنه بعد يوم الجمعة الماضي، أي اليوم الأول على فتح أبواب المصارف للجمهور، صارت هذه القيود أكثر صرامة وتشدداً وشبه موحّدة بين المصارف.من بين هذه الإجراءات الصارمة التي كان ضحيتها الزبائن الأفراد، سواء من خلال تحديد سقف يومي وشهري للسحوبات النقدية أو منع عمليات التحويل إلى الخارج أو فرض تجميد الأموال لسنة أو رفع العمولات وسواها، كان هناك أمر أساسي له انعكاساته على عمل القطاع الخاص. فالمصارف قرّرت الإيقاف النهائي أو التقليص ضمن الحدود القصوى، لعمليات الإقراض بواسطة التسهيلات المصرفية المسماة «over draft».
نتائج هذا القرار بدأت تظهر بشكل سلبي جداً، اعتباراً من يوم الاثنين الماضي. فقد تلقى الكثير من أصحاب الشركات أو مديري الحسابات فيها إشعارات من المصارف تبلغهم بخفض سقف التسهيلات أو تعليقها حتى إشعار آخر، ما خلق مشكلة كبيرة تتعلق بالشيكات التي حرّرتها الشركات قبل إقفال المصارف أو خلال فترة إقفالها لمورّدين أو لأصحاب حقوق على اختلاف أنواعهم. تحرير هذه الشيكات جاء استناداً إلى وجود تسهيلات مالية قصيرة الأجل متفق عليها مع المصارف، إلا أن إلغاءها أو تقليصها منع حاملي الشيكات من قبض حقوقهم، ما خلق موجة شيكات مرتجعة موجعة لشركات القطاع الخاص، سواء على سمعتها في تسديد الديون أو في استمرار أعمالها.
بهذه الإجراءات المصرفية، انتقلت إلى القطاع الخاص الأزمة النقدية التي دفعت المصارف إلى اتخاذ إجراءات زجرية لمنع هروب الدولارات إلى الخارج. وبحسب بعض أصحاب الشركات الذين اتصلت بهم «الأخبار»، فإنهم بدأوا بالفعل يعدّون العدّة لتقليص حجم أعمالهم أو لوقفها بشكل نهائي إذا استمرّت الحال على ما هي عليه. فهناك العديد من أصحاب الشركات أبلغوا موظفيهم بأنهم سيعمدون إلى التوقف عن العمل أو تقليص الرواتب، وبعضهم طلب من الموظفين البحث عن عمل آخر.
في الواقع، إن هذه الإجراءات ستدفع الكثير من الشركات إلى وقف أو تعليق توسيع مشاريعها في حال كانت قائمة، أو تقليص عمليات الإنتاج والتوزيع، والاحتفاظ بسيولتها لنفسها من دون تسديد الأقساط المترتبة عليها. وهذا يعني مزيداً من الانكماش الاقتصادي في القطاعات الاقتصادية.
انتقلت إلى القطاع الخاص الأزمة النقدية التي دفعت المصارف إلى اتخاذ إجراءات لمنع هروب الدولارات


وأصدر «مجلس إدارة تجمع رجال الأعمال اللبنانيين» بياناً إثر اجتماع طارئ عقده أمس، متحدثاً عن «الظاهرة الشاذة المتخذة من قبل بعض المصارف والمتعلقة بالإجراءات الآتية:
1ــــ تجميد التسهيلات المصرفية.
2ــــ تخفيض سقوف التسهيلات الممنوحة الى مستوى الرصيد المستعمل من دون إشعار مسبق بدأ عند إعادة افتتاح أبواب المصارف بعد 14 يوماً من الإقفال.
3ــــ الامتناع عن إجراء عمليات صرف من الليرة الى العملات الأخرى.
4ــــ صعوبة، لا بل استحالة إجراء تحاويل الى الموردين في الخارج، وفي بعض الأحيان رفض إجراء تحاويل حتى داخل لبنان».
وحذّر التجمع من انعكاسات هذه الإجراءات على سير الأعمال في القطاع الخاص، كما على «مستقبل سياساتنا النقدية، ولا سيما التدفقات والتحويلات الاستثمارية والخاصة من الخارج الى لبنان».