ويتّضح، من تصريحات الضباط والجنود، أنهم يخدمون في أجواء متوترة، وأن أعصابهم مشدودة بشكل دائم؛ إذ إنهم غير معتادين على هذا النوع من المواجهات، التي لم يكن بينهم وبين الموت فيها، في بعض الأحيان، إلا ثوان قليلة، وهي إفادة تتكرّر دائماً على ألسنتهم. أما المسؤولون في «البنتاغون» فيتحدثون عن كيفية رعاية البحّارة عند عودتهم إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الاستشارة والعلاج لاضطراب ما بعد الصدمة المحتمل، فيما يشير قائد مجموعة «آيزنهاور»، مارك ميغيز، إلى الضغط الذي تتعرّض له السفن نفسها. وعلى خلفية ما تقدّم، ضغطت قيادة البحرية الأميركية لإجراء تبديل للمجموعة الكاملة والسماح للبحّارة بالعودة إلى البلاد للاستراحة، لكن «البنتاغون» حاول احتواء الموقف بإصدار تدبير يسمح لهؤلاء بالاستراحة أثناء تنفيذ المهمة.
حالة «آيزنهاور» اختلفت كلياً بعد الاستهداف حيث بدت أكثر إرباكاً وتردّداً
ووفقاً لبيانات موقع البحرية وموقع تتبّع السفن، فإن الحاملة رست في خليج سودا اليوناني بعد 200 يوم من نشرها في البحر الأحمر، لإتاحة الفرصة للطاقم للنزول من السفينة والاطلاع على الثقافة والتقاليد اليونانية، إضافة إلى الاستفادة من التبادل البحري والعيادة الطبية ومختبر خدمات الروح المعنوية والرعاية الاجتماعية أثناء إقامتهم. والمقصود من ذلك، تقديم خدمات الطعام والمشروبات والترفيه إلى البحّارة على الرصيف، حيث أمكن لهم زيارة المواقع التاريخية والسياحية وتناول الطعام المحلي في الهواء الطلق. كما تضمّنت بعض الأنشطة زيارة مضيق إمبروس، وقصر الحضارة القديمة كنوسوس، ونادي كريت للغولف، وهضبة لاسيثي، وأشياء أخرى، بحسب البيانات الأميركية.
وجاء قرار سحب «آيزنهاور» بعد تعرضها لثلاث عمليات استهداف بصواريخ ومسيّرات من قبل القوات المسلحة اليمنية في وقت قصير. وأكدت صنعاء، وكذلك تقارير صينية وروسية، أن الحاملة أصيبت واضطرت على إثر إصابتها إلى الابتعاد عن مسرح العمليات. وتعتقد قيادة البحرية الأميركية أن حركة «أنصار الله» استطاعت اكتشاف نقطة ضعف قاتلة في الحاملة أثناء إقلاع الطائرات الحربية منها وهبوطها عليها، إذ إن أجهزة الإنذار ومنظومة الدفاع الجوي تتعطّل في هذه الحالة، ما يتيح فرصة لقوات صنعاء لاستهدافها. وتفيد معلومات حصلت عليها «الأخبار» بأن حالة «آيزنهاور» اختلفت كلياً بعد الاستهداف، حيث بدت أكثر إرباكاً وتردداً وخشية من الاقتراب من المنطقة الصلبة لـ«أنصار الله»، وأن الأميركيين استعانوا بأحد مطارات دول الخليج في العدوان الأحدث على اليمن، وأن أنواع الطائرات المغيرة هي غير الأنواع التي تقلع من الحاملة.
وفي أعقاب تلك التطورات، جرى نقاش في دوائر القرار العسكري الأميركي - قبل أن يستقر الرأي على إرسال «روزفلت» - حول عدد من الخيارات:
الأول: الاستفادة من القواعد الأميركية المتمركزة في دول الخليج، أي قطر والسعودية والإمارات، غير أن هذه الدول أبدت معارضتها للسماح للطائرات الأميركية بالإقلاع من أراضيها خشية تعرّضها للاستهداف من قبل اليمن، وإن كان رُصِد في الأسابيع الماضية غضّ إحدى هذه الدول النظر عن استخدام الطائرات الأميركية أراضيها للعدوان على اليمن.
الثاني: الاستفادة من قواعد عسكرية أميركية بعيدة عن منطقة العمليات، لكن ذلك قد يتطلّب رحلات أطول للطائرات المقاتلة، ما يستدعي قدرات التزوّد بالوقود وتذليل عقبات أُخرى.
الثالث: لجوء الولايات المتحدة إلى فرنسا أو المملكة المتحدة، اللتين تمتلك كل منهما حاملة طائرات واحدة، لمدة مؤقتة على الأقل في البحر الأحمر، وفقاً لتقرير «أسوشيتد برس»، علماً أن المسؤولين الأميركيين يتذرّعون، للطلب من فرنسا أو المملكة المتحدة أن تنشر إحداهما حاملة طائرات، بأن حماية الممرّات الملاحية هي جهد متعدّد الجنسيات.