رام الله | عاش الفلسطينيون، وتحديداً في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر، بعض أهوال يوم القيامة، بفعل تدمير الاحتلال كل ما يمتّ إلى الحياة بصلة: من مستشفيات ومرافق صحية وتعليم ومصادر غذاء، وحصد آلته الحربية أكثر من 38 ألف شهيد و90 ألف جريح. لكن العدو الذي صبّ كل ما في جعبته من نار وبارود فوق رؤوس الغزيّين لدفعهم خارج القطاع، لم ينجح في مساعيه، فضلاً عن أنه فشل في تأليبهم ضدّ المقاومة، إذ أَظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، ما بين الـ26 من أيار والأول من حزيران الجاري، في الضفة الغربية وغزة، أن أكثر من 60% من سكان القطاع فقدوا أقرباء لهم في العدوان، فيما لا تزال عملية «طوفان الأقصى» تحظى بتأييد غالبية الفلسطينيين، بعد 9 أشهر من العدوان، وسط إجماع والتفاف على خيار المقاومة. وأيّد ثلثا المستطلعين هجوم السابع من أكتوبر، بينما قال 80% منهم إن القضية الفلسطينية عادت إلى بؤرة الاهتمام الدولي. كذلك، أعرب ثلثاهم عن اعتقادهم بأن المقاومة ستنتصر في الحرب (في ما يمثّل ارتفاعاً بأربع نقاط مئوية عن آخر استطلاع أجري قبل 3 أشهر)، في حين رأت نسبة 50% أن القطاع سيبقى تحت سيطرة حركة «حماس»، وفضّل الربع قيام سلطة فلسطينية جديدة برئيس وبرلمان منتخبيْن. أيضاً، يسود رضى كبير في الشارع الفلسطيني على أداء المقاومة في فلسطين والمنطقة، حيث لا تزال نسبة تأييد «حماس» وزعيمها في غزة، يحيى السنوار، عالية جداً.وعلى المستوى الإقليمي، ذهبت أعلى نسبة رضى إلى اليمن، ثم «حزب الله»، وبعدهما قطر فإيران، وجاء الأردن ومصر في مراتب متأخرة. في المقابل، أظهر الاستطلاع وجود سخط على السلطة الفلسطينية، إذ ارتفعت المطالبة باستقالة عباس، في مقابل ارتفاع شعبية حركة «حماس» وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الأسير مروان البرغوثي. كما ازداد تأييد العمل المسلّح، مقابل هبوط تأييد حلّ الدولتين. وإذ وافق نحو 60% على حلّ السلطة، رأى نصف الفلسطينيين أن أفضل طريقة للردّ على هجمات المستوطنين وحماية مناطقهم، هو «تشكيل مجموعات مسلّحة من سكان المناطق المستهدفة»، فيما اختار أكثر من الربع بقليل «نشر قوات الشرطة الفلسطينية في المناطق
المستهدفة».
أظهرت النتائج تأييد نحو 60% لحلّ السلطة الفلسطينية


وحول نتائج الاستطلاع، يقول المحلّل السياسي، ومدير مركز «ثبات» للبحوث واستطلاعات الرأي، جهاد حرب، في حديث إلى «الأخبار»، إن «الجمهور الفلسطيني في الضفة وغزة يرى أن الاحتلال دمّر إمكانية التوصّل إلى اتفاق سلام من خلال المفاوضات»، وإن «الخيار الأكثر تفضيلاً بالنسبة إلى هؤلاء هو الكفاح المسلّح ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي». ويضيف حرب أن «هناك نسبة عالية من الفلسطينيين الذين يؤيدون عملية السابع من أكتوبر. على اعتبار أن ما جرى هو ردّ فعل مناسب على الموت الذي يحدق بهم»، إضافة إلى أن «الفلسطينيين، كونهم ضحايا، يرون أن المقاومة المسلّحة وإنزال خسائر بشرية ومادية بالاحتلال هما ردّ الفعل الطبيعي على الإحباط الذي يرافقهم لغياب الأمل والأفق السياسي الذي تم تدميره من خلال الاحتلال سواء بالاستيطان في الضفة والحصار في غزة. ولذلك، ترى الغالبية أن حركة حماس هي الأجدر ليس فقط بمواجهة الاحتلال، وإنما أيضاً بحكم غزة».
ويلفت حرب إلى أن 46% من سكان القطاع يفضّلون أن تعود «حماس» إلى الحكم، ما يعني أن «الرضى لا يزال قائماً، وتحديداً في غزة، وهذه النسبة ترتفع في الضفة، وذلك بعدما أثبتت الحركة أنها قادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى أن الفلسطينيين في غزة والضفة لا يرون أن سلوك السلطة الفلسطينية مناسب». ويشير إلى أنه «إذا كانت هناك عملية سياسية جدّية بعد الحرب، فسيدعمها 65% من الفلسطينيين، وفق ما بيّنته استطلاعات رأي مختلفة، لكنّ الجمهور الفلسطيني لا يعتقد أن تلك العملية يمكن أن تكون حقيقية في ظلّ الاستيطان والحرب التي تُشنّ ضده على كل المستويات».