تلك الاتهامات جاءت أيضاً على لسان رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نافي بيلاي، إذ أكدت وجود دلائل في شأن «تعمّد» الجيش الإسرائيلي استهداف المدنيين الفلسطينيين في مناطق مكتظّة بالسكان، وعرقلته وصول الإمدادات الإغاثية والإنسانية والخدمات الأساسية إليهم، كأداة للحرب. ففي اجتماع حول تقرير اللجنة المذكورة على هامش الدورة الـ 56 لـ»المجلس الأممي لحقوق الإنسان» في مدينة جنيف السويسرية، أكدت بيلاي أن إسرائيل تتحمّل المسؤولية عن عمليات القتل والتهجير القسري والعنف الجنسي ضدّ الفلسطينيين، مضيفة أن عدد الضحايا المدنيين في غزة والدمار الهائل للبنية التحتية، يأتيان «نتيجة سياسة مقصودة تنتهجها إسرائيل».
رجّحت بيلاي أن يكون آلاف الأطفال تحت أنقاض المباني والمنشآت المدنية التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في غزة
ولدى عرضها تقرير اللجنة الأممية، والمتعلّق بجهود التحقيق في أحداث السابع من أكتوبر وما تلاها، كشفت بيلاي أن السلطات الإسرائيلية عرقلت تلك الجهود، موضحة أن حكومة بنيامين نتنياهو منعت ممثّلي اللجنة من الوصول إلى غزة والضفة الغربية، واستكمال التحقيقات اللازمة التي لا تزال «غير مكتملة». ومع ذلك، تابعت المسؤولة الأممية: «سوف نستمرّ في عملنا، والتحقيق لم ينتهِ».
وعلى رغم محاولتها اتهام حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى باتهامات مشابهة، رجّحت رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة أن يكون آلاف الأطفال تحت أنقاض المباني والمنشآت المدنية التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في غزة، متوقّفة عند التبعات «الخطيرة» التي خلّفتها الحرب على صعيد البنية التحتية اللازمة لرفاهية الأطفال، بما فيها المستشفيات والمدارس والخدمات الأساسية. وتابعت بيلاي أن «هناك انتهاكات تقع كل يوم» ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن «المحكمة الجنائية الدولية» ستعتمد على التقرير الذي تصدره اللجنة التي ترأسها.
وفي السياق نفسه، تعهّد رئيس مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين، أجيت سونغاي، بمواصلة «تقييم ما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية في غزة تتبع مبادئ القانون الدولي الأربعة، سواء تلك المتمثلة بالتناسب (في الرد العسكري)، واعتبارات الضرورة (العسكرية)، أو التمييز (بين الأهداف المدنية والعسكرية)، والإنذار المسبق (قبل تنفيذ عمليات الإغارة والقصف لمناطق مأهولة)»، مستدركاً بالقول إنه «مع استخدام هذا النوع من الأسلحة في منطقة مكتظّة بالسكان، على غرار غزة، سيكون من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، اتّباع المبادئ الأربعة المشار إليها». وأشار سونغاي إلى أن «المحقّقين العسكريين الإسرائيليين فتحوا تحقيقات لتقصي الحقائق في خمسة من الحوادث الستة الواردة في تقرير المفوضية الأممية لحقوق الإنسان»، مشدّداً في الوقت نفسه على أهمية «إجراء تحقيق مستقلّ في كل هجوم، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات» للقوانين والمواثيق الدولية المرعية الإجراء. كما أعرب سونغاي، الذي اختتم لتوّه مشاركته ضمن بعثة أممية قدِمت أخيراً إلى غزة، عن تمسكه بالنتائج التي توصّل إليها تحقيق «المفوضية الأممية لحقوق الإنسان»، كاشفاً أنها «تستند إلى جمع وتحليل دقيق للأدلة، فضلاً عن مشاورات مع خبراء عسكريين دوليين». وكردّ فعل على تقرير المفوضية، أعلنت سفيرة إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف، ميراف شاهار، رفضها خلاصة التقرير، متّهمة المكتب بنشر ما سمّته «مزاعم لا أساس لها من الصحة».