وبخلاف الرواية الإسرائيلية التي تحدّثت، منذ بداية العدوان، عن أن «حماس» تودع الأسرى داخل الأنفاق، قالت نوعا أرغماني (25 عاماً) التي تمّ تخليصها في العملية، إنها لم ترَ الأنفاق طوال مدّة أَسرها. كما أن التغريدة القصيرة للناطق باسم «كتائب القسام»، أبو عبيدة، عقب عملية النصيرات، تشي بأن الأسرى كانوا يحظون بظروف احتجاز مقبولة، وهو ما أكدته أرغماني حين قالت إنها كانت في أوقات كثيرة تقف إلى النافذة لتتنشّق الهواء، وتتنقّل في الشوارع لنقلها من مكان إلى آخر تحت حراسة مقاومي «القسام». لكن تلك التغريدة تنبئ أيضاً بأن «حماس» قد تقرّر نقل كل الأسرى إلى الأنفاق، أو تشديد ظروف احتجازهم، لتجنُّب تكرار عمليات إسرائيلية مشابهة.
قالت نوعا أرغماني (25 عاماً) التي تمّ تخليصها في العملية، إنها لم ترَ الأنفاق طوال مدّة أَسرها
وفي هذا الجانب، رجّح المحلّل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الذي رأى أن «العملية العسكرية لا تبشّر بتغيير إستراتيجي في صورة الحرب»، أن تعمل «حماس الآن من أجل تشديد الحراسة على المخطوفين الأحياء الباقين في الأسر. وليس واقعيّاً التوقّع أنه في الإمكان تحرير باقي المخطوفين، وعددهم 120، وقسم كبير منهم ليسوا على قيد الحياة، بطرق مشابهة». واعتبر هرئيل أن «إسرائيل ليست قريبة من انتصار مطلق في القطاع، وإعادة عدد كبير من المخطوفين ستحدث، على ما يبدو، في إطار صفقة فقط، توجب تنازلات كبيرة». ومن جهته، قال محلّل الشؤون الحزبية في «هآرتس»، يوسي فيرتر، إن «الثمن كان يمكن أن يكون أكبر بكثير من مقتل ضابط إسرائيلي، وأن يشمل المخطوفين الأربعة، لو أن شيئاً ما تعرقل. وهذا يثبت أنه لا مفرّ من صفقة، الآن. وحتى بثمن إنهاء الحرب». ولفت إلى أن «عمليات إنقاذ غير قليلة استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، أُلغيت في اللحظة الأخيرة، لأن خطر أن يُقتل مختطفون فيها تغلّب على احتمال خروجهم أحياء». وكرّر استنتاجات المحلّلين الآخرين من أن «التحرير لم يؤدِّ إلى أيّ تغيير إستراتيجي. فإسرائيل لا تزال عالقة عميقاً في وحل غزة، بلا أيّ أفق سياسي، وبلا خطّة لليوم التالي بعد الحرب، فيما العالم كله يتنكّر لها. وعدد القتلى الكبير في مخيم النصيرات سيزيد من خطورة وضع إسرائيل الدولي».
أيضاً، خلص المحلّل السياسي في «معاريف»، بِن كسبيت، إلى الاستنتاج نفسه، قائلاً: «غداة السبت الساحر، ستشرق الشمس من المكان نفسه، ووضع إسرائيل الإستراتيجي سيبقى هو أيضاً في المكان نفسه. هناك 120 مخطوفاً آخر في أسر حماس، أي إن هناك حاجة إلى ثلاثين عملية عسكرية أخرى من هذا النوع». وأضاف: «الجبهة الشمالية لا تزال مشتعلة ولا نرى النهاية. والسكان الذين تم إخلاؤهم من بيوتهم (في الشمال) لا يزالون في الفنادق. والعائدون إلى بيوتهم في الجنوب بعيدون عن الشعور بالأمان. وشرعية إسرائيل تنهار، والعالم عاد ليكون ضدّنا، والجبهات ضدّنا تتعاظم وتتَّحِد، والاتصالات حول صفقة التبادل ووقف إطلاق النار عالقة».
ولا تختلف آراء المسؤولين العسكريين السابقين، عمّا ذهب إليه المحلّلون، إذ قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، تامير هايمان، إن «عملية النصيرات حدث تكتيكي، ولكن الورطة الإستراتيجية التي نحن فيها لم تتغيّر. الصفقة وحدها هي التي ستعيد المختطفين»، معتبراً أن «الصفقة يجب أن تكون جزءاً من صفقة شاملة لإنهاء الحرب».