إنهاء الحرب، والفرضية التي ترسم لها إسرائيلياً وأميركياً، ليس ممكناً إلا مع موافقة حركة «حماس» والفصائل
وينتظر المراقبون أيضاً الزيارة المقرّرة لنتنياهو إلى واشنطن، لإلقاء خطاب أمام الكونغرس في الـ 24 من الشهر المقبل. وعلى رغم أن الزيارة كانت تهدف إلى الرّد على إصدار مذكرة اعتقال دولية بحقّ رئيس الحكومة الإسرائيلية من لاهاي، على خلفية ارتكابه جرائم حرب في غزة، إلا أن تسهيلها ومشاركة زعماء مجلسَي الكونغرس في الدعوة إليها، يمثّلان إغراء بالنسبة إلى نتنياهو، وخاصة أن الفيتو الرئاسي عليها لا يؤثّر في إمكان تحقّقها. ويُنظر إلى هذا الموعد على أنه مفصليّ في مسار الحرب الإسرائيلية على غزة، فهل تكون الزيارة مناسبة لنتنياهو للإعلان عن إنهاء الحرب وتحقيقه انتصاراً فيها؟ الأكيد أن الإعلان لا يمكن أن يتحقَّق ما دام الأسرى الإسرائيليون في قبضة الفصائل الفلسطينية في غزة، ما يعني ضرورة إطلاق سراحهم قبل الرحلة إلى واشنطن، سواء عبر الخيار العسكري أو الاتفاق، والأول لم يَعُد يراهن عليه أحد، في حين أن صفقة محتملة مع «حماس» هي الخيار الوحيد المجدي. أمّا إذا لم يتحقَّق أيّ من هذين الخيارَين، فهذا يعني أن إسرائيل مقبلة على أزمة مع نفسها أولاً، ومع الولايات المتحدة ثانياً، فيما الجانبان معنيّان بأن لا يتصادما وفقاً للخيار الثالث.
وهكذا، فإن التوجّه إلى انتخابات مبكرة بعد تحرير الأسرى الإسرائيليين، حتى في ظلّ اتفاق مع «حماس»، من شأنه أن يحسّن مكانة نتنياهو لدى الجمهور الإسرائيلي الذي بات يتفهّم عقم الحرب، وهو ما يمكّنه من استرداد جزء ممّن فقدهم من الناخبين الذين انزاحوا في اتجاه اليمين المتطرّف الفاشي، أو في اتجاه أحزاب يمين الوسط، مثل حزب غانتس - آيزنكوت. والرهان على إمكانية استرداد هؤلاء، مع ضمان وقوف الأحزاب الحريدية إلى جانبه، في انتخابات ستكون الدعاية اليمينية لاعباً بارزاً فيها، وهو ما يجيده نتنياهو، لن يكون سيناريو سيئاً بالمطلق. وهنا، تلتقي مصلحة نتنياهو الشخصية مع مصلحة إسرائيل الدولة، وبالنتيجة التوجّه إلى إنهاء الحرب.
إلا أن إنهاء الحرب ليس ممكناً إلا مع موافقة حركة «حماس» والفصائل، وهو ما يفسّر ضغوط واشنطن على الحركة عبر وكلائها وشركائها في المنطقة، ومنها ما يجري تداوله عن تهديدات قطرية لقيادة «حماس»، بإمكان طردها من الدوحة، ما لم تنصع للاقتراح الإسرائيلي، بلا أيّ إضافات. وعلى أي حال، فإن التقديرات عرضة للتغيير وفقاً للمتغيرات المقبلة، التي ثبت، خلال الأشهر الثمانية الماضية، أنها أكثر تأثيراً من أيّ ثوابت ومعطيات آنية، وإن كان الأكيد أن الحرب انتهت عملياً، وبات استمرارها عقيماً.