وفي غضون ذلك، يتواصل التحريض في صفوف المستوطنين وعائلتي الجنديين ضد مدينة نابلس، والذي وصل إلى حد المطالبة بفرض حصار مطبق على المدينة، واجتياحها إلى حين اعتقال منفذ العملية حياً أو ميتاً. وقالت والدة الجندي إيليا هليل الذي قُتل في العملية إن المنفذ «كان ينبغي أن يموت. من العار أن نجلس وننتظر بينما لم يتم صيد الإرهابي الذي قتل ابني وضابطه»، فيما هاجم رئيس مقر «الكفاح من أجل الحياة»، مناحيم بن شاهار، الذي يقف وراء احتجاجات المستوطنين، سلطات الاحتلال، معتبراً أن «ما يحدث هنا منذ الهجوم هو استسلام إسرائيلي مشين للسلطة الفلسطينية الإرهابية»، مضيفاً أنه «منذ عدة أيام، يجلس إرهابي محمي وآمن - على بعد أربعة كيلومترات فقط من قاعدة السامرة العسكرية، من دون أن تفعل دولة إسرائيل أبسط شيء وهو اقتحام مقر السلطة الفلسطينية واعتقاله أو قصف هذا المقر من الجو دون تعريض الجنود للخطر». ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية عن بن شاهار قوله إن «على الحكومة الإسرائيلية أن تصحو وتتصرف بسرعة، عليها إصدار تعليمات فورية باعتقال رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، والذي أصدر التعليمات بعدم تسليم المخرب، والخروج في عملية عسكرية لاحتلال نابلس وبقية مدن الإرهاب».
تستبطن رواية جيش العدو فشلاً عسكرياً ذريعاً وضربة لحالة السيطرة الأمنية التي يحاول فرضها
كذلك، دعا رئيس «مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية»، يوسي داغان، إلى «إغلاق جميع الحواجز الأمنية، من مثل الحاجز الأمني الذي وقع بجانبه هذا الهجوم الخطير»، بينما قال رئيس «مجلس مستوطنات الضفة الغربية» (يشع) الاستيطاني، يسرائيل غانتس: «الليلة نرى مرة أخرى كيف يسعى العدو هنا في يهودا والسامرة (أي الضفة) إلى تدميرنا في كل مكان - في السامرة وبات حيفر»، متابعاً أن «الرد يجب أن يكون بالأفعال: يجب على الحكومة والجيش الإسرائيلي أن يتحركا على الأرض، من الأرض إلى الأعلى، ضد العدو وضد السكان الذين يدعمونه». أما عضو «الكنيست الإسرائيلي»، تسفي سكوت، فأطلق تهديداته ضد مدينة نابلس بعد زيارته موقع العملية، قائلاً إن «عليهم أن يعلموا أن إسرائيل وشعبها وجيشها وسلطتها الحاكمة تغيرت وجُنت، وأن العملية ممنوع أن تمر بهدوء، ولا يمكن أن يقع مثل هذا الحدث وتبقى نابلس هادئة». وكان وزير مالية الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، قد أطلق تهديدات مماثلة ضد الضفة الغربية وتحديداً طولكرم، بتحويلها إلى خراب كما قطاع غزة. وتعليقاً على التطورات الأخيرة، لفت المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» العبرية، عاموس هرئيل، عقب العملية، إلى أن الضفة الغربية تعيش حالة هدوء محدودة، والتهديد باندلاع العنف يأتي هذه المرّة من إسرائيل، التي تعرّض نفسها للخطر في ساحة مواجهة أخرى بسبب السياسات التي تتبعها الحكومة، فيما الجيش الإسرائيلي غير قادر على التعامل مع عمليات إطلاق النار على المستوطنات القريبة من الجدار.
وبالعودة إلى رواية جيش العدو الذي يقول إن العملية مقصودة، وإن السائق خرج من مسلكه المخصص للعبور نحو الحاجز ودهس الجنود قبل أن ينسحب من المكان، فهذا يعني فشلاً عسكرياً ذريعاً لقوات الاحتلال، وضربة لحالة السيطرة الأمنية التي تحاول الأخيرة فرضها على الضفة عبر القوة والاجتياحات والقتل. وما يعزز تلك الدلالات أن العملية نُفذت في أكثر المدن المحاطة بالحواجز العسكرية، وتحديداً على حاجز «عورتا» الذي أعيد العمل به بعد السابع من أكتوبر ويقول الجيش إنه يقع في منطقة محمية ومحصنة. وفي المقابل، تعزز العملية حالة المقاومة المتصاعدة شمال الضفة الغربية، والتي تخشى الأوساط الإسرائيلية من أن تشكل نموذجاً يقتدى به في المستقبل، خاصة في ظل القبضة الأمنية الخانقة والاعتداءات المستمرة، وتدمير البنية التحتية في المدن والمخيمات، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، وإطلاق حكومة الاحتلال العنان للاستيطان بعد إلغاء قانون «فك الارتباط»، والتحريض المجنون من قبل المستوطنين، وغير ذلك من مؤشرات تدفع برمتها الأراضي المحتلة إلى الانفجار.