في ظل المحاولات الجديدة لتحريك عجلة المفاوضات بين العدو وحركة «حماس»، أشاعت أوساط مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنه من المحتمل عقْد جلسة لمناقشة مقترحات جديدة صاغها الوسطاء، في ما يبدو وكأنه رسالة تهدف إلى امتصاص غضب أهالي الأسرى من جهة، والمحتجّين المطالبين برحيل الحكومة من جهة أخرى. ولفتت مصادر مطّلعة إلى أن «المقترح الوحيد المطروح على الطاولة هو عبارة عن صفقة شاملة لإعادة كل المختطفين»، مشيرةً إلى أنه «في حال تلقّى كابينت الحرب عرضاً لصفقة التبادل، فإن نتنياهو سيكون ضمن الأقلية (الرافضة)». وأفادت المصادر، وفق ما نقلت عنها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأن «نتنياهو يحاول عرقلة أيّ صفقة لتبادل الأسرى مع حماس حتّى قبل أن تنضج»، فيما أوضح مسؤول رفيع أن «نتنياهو لا يحبط الاتفاق بشكل واضح، ولكنه يفعل ذلك حتى قبل نضوج الصفقة، بحيث يفوّت كل فرصة». وتقاطع ما تقدّم، مع ما نقلته «القناة 12» في وقت سابق، عن مسؤولين رفيعي المستوى، من أنه «في الوقت الذي يعمل فيه كابينت الحرب على مناقشة المرحلة الأولى من الصفقة، فإن نتنياهو يسعى لتجنّب الوصول إلى ذلك». مع ذلك، قالت «هيئة البث» الإسرائيلية إن «فريق المفاوضات سيسلم الوسطاء غداً مقترحاً أقره مجلس الحرب لإنجاز صفقة تبادل أسرى»، فيما أفادت «القناة 12» بـ«توافق بين وزراء مجلس الحرب والأجهزة الأمنية على وقف هجوم رفح ومنح الأولوية لصفقة تبادل»، كما نقلت عن قائد أركان الجيش قوله لعائلات الأسرى إن «تفكيك حماس هدف مهم لكن الأولوية استعادة أبنائهم».وكانت القناة نفسها لفتت إلى أن الجنرال في الاحتياط، المسؤول عن ملف الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين بالإنابة عن الجيش، نيتسان ألون، قال في محادثات مغلقه جرت الأسبوع الماضي مع الضباط المسؤولين عن متابعة أوضاع الأسرى مع ذويهم: «نشعر باليأس؛ لن تكون هناك أيّ صفقة في ظل حكومة كهذه». وعلى ما يبدو، فإن ألون الذي يدفع في اتجاه عقْد اتفاق يضمن العودة التدريجية لجميع الأسرى الإسرائيليين، حاول إقناع نتنياهو بأن إصرار «حماس» على وقف الحرب، ليس عقبة للتوصّل إلى صفقة، على اعتبار أنه «في الإمكان العودة إلى القتال في أيّ لحظة»، وهو ما يروّج له محلّلون إسرائيليون كُثر، نظراً إلى تعثّر الجيش في تحقيق أهداف الحرب، حتّى قياساً بالمدّة الطويلة التي استغرقتها. ورداً على ما تكشّف عن اجتماع ألون بالضباط، خرج الناطق باسم الجيش، دانييل هاغاري، مدّعياً بأن أقوال المسؤول عن ملف الأسرى «أُخرجت من سياقها». أمّا نتنياهو، فقد أصرّ على القول إنه «أعطى الفريق المفاوض، مراراً وتكراراً، تفويضاً واسع النطاق لإطلاق سراح الأسرى، بينما يواصل (رئيس حماس في قطاع غزة يحيى) السنوار المطالبة بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وخروج حماس سليمة، حتى يتمكن من تنفيذ فظائع 7 أكتوبر مجدّداً».
نتنياهو: «لست مستعداً لإنهاء الحرب قبل تحقيق كل أهدافها ولن أرفع علم الاستسلام»


من جهته، حذّر الوزير في كابينت الحرب، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت، خلال تقديمه إحاطة لأعضاء «لجنة الشؤون الخارجية والأمن» في الكنيست، من أن «حركة حماس تجدّد قوتها»، مشيراً إلى أن «قتالها سيستمرّ سنوات طويلة، لذا فإنّ التوصّل إلى صفقة رهائن، هو ضرورة استراتيجية». وتطرّق إلى حيثيات انضمام حزبه إلى حكومة الطوارئ مطلع الحرب، مشيراً إلى أنه في الفترة الأولى «اتُّخذت قرارات استراتيجية، ولكن منذ وقت طويل لم تتّخذ حكومة (الطوارئ) قرارات كهذه». وشدّد آيزنكوت على أنه «من الضروري المضيّ قدماً في رفح، وفق الخطة المعتمدة، للوصول إلى خطوط النهاية، والدفع بصفقة رهائن، من مكان قوّة». كذلك، اعتبر أنه «لا توجد معادلة بين تحرير الرهائن ووقف الحرب... كما توقّفنا (عن القتال) في الصفقة السابقة، يمكننا وقف الحرب والعودة حين يتطلّب الأمر ذلك حتى تحقيق الأهداف»، لأن «هناك إجماعاً في كابينت الحرب على ضرورة إطلاق سراح المختطفين». ولفت أيضاً إلى أن المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت الموسّع) - حيث توجد أغلبية داعمة لنتنياهو - «مفكّك ولا يقوم بدوره».
وفي هذا الوقت، كان أهالي أسرى إسرائيليين يحتجّون في الكنيست، أمس، خلال إلقاء نتنياهو خطاباً في جلسة نقاش «الأربعين توقيعاً»، والتي كانت مخصّصة للحديث عن الجبهة الشمالية، حيث رفع هؤلاء لافتات تحمل صوراً من فيديو مجنّدات المراقبة، مرفقة بعبارة: «انظر في أعينهن. صفقة الآن». وقال نتنياهو، في خطابه: «أسمع أصواتاً تنكر القدرة على تحقيق النصر وأقول لها إن الهدف هزيمة حماس وإعادة المختطفين... التقيت عائلات المختطفين هذا الصباح، ووعدتهم بأنني لن أدّخر جهداً من أجل إعادة ذويهم إلى بيوتهم»، مضيفاً: «منذ نهاية كانون الأول، وصلتني خمسة مطالبات من طاقم المفاوضات لتوسيع صلاحياته ووافقت عليها». ثم كرّر أن «السنوار هو العائق الوحيد أمام إطلاق سراح المختطفين ولست أنا. السنوار يطالب إسرائيل بشروط استسلامية تشكّل خطراً على وجودها»، متهماً منتقديه بأنهم «يقدّمون خدمة للسنوار (عندما يتهمون نتنياهو بعرقلة الصفقة)». ولذا، «يجب توجيه الضغط على حماس ونحن نفعل ذلك ونقاتل بقوّة في شمال القطاع ووسطه وجنوبه»، كما قال، مضيفاً: «لست مستعداً لإنهاء الحرب قبل تحقيق كل أهدافها، ولن أرفع علم الاستسلام وسنواصل القتال حتى إحراز النصر الساحق».
في المقابل، قال رئيس المعارضة وزعيم حزب «هناك مستقبل»، يائير لبيد، إن نتنياهو هو «المسؤول عن أكبر إخفاق للشعب اليهودي منذ المحرقة»، متسائلاً: «لماذا ما زلت رئيساً للحكومة وأنت مسؤول عن أكبر إخفاق في تاريخنا؟». ورأى أن «نتنياهو فشل في أداء مهمته»، وأن حكومته «غير شرعية».