بعد أشهر من تعثرها في الكونغرس، وافق «مجلس النواب» الأميركي على مساعدات خارجية بقيمة 95 مليون دولار، بعدما تم التصويت بغالبية ساحقة على أربعة مشاريع قوانين، تضمن إرسال مساعدات بقيمة 60 مليار دولار إلى أوكرانيا، و26 مليار دولار إلى إسرائيل، وما سُميت مساعدات إنسانية للمدنيين «في مناطق الصراع» بما في ذلك غزة، و8 مليارات دولار إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أي لدعم تايوان. أمّا مشروع القانون الرابع، فيشمل المزيد من العقوبات على إيران، جنباً إلى جنب إجبار الشركة الصينية المالكة لـ«تيك توك» على «بيع» التطبيق، تجنباً لـ«حظره» في جميع أنحاء الولايات المتّحدة. وإذ حصل كلّ من المشاريع الأربعة على تأييد ساحق من أعضاء المجلس، إلا أنّ الانقسام لا يزال حاضراً حولها، ولا سيما في ما يتعلق بالمساعدات المخصصة لكييف و«تل أبيب»؛ إذ يعارض الجمهوريون المتطرفون إرسال المزيد من الدعم إلى الأولى، فيما تتعرض سياسة الإدارة الأميركية «المتناقضة» إزاء الثانية للمزيد من الانتقادات على الصعيدين الشعبي والرسمي على حدّ سواء.وتأتي الموافقة على المساعدات الجديدة بعد أسابيع من رفض رئيس «النواب» الأميركي، مايك جونسون، مشروع قانون ضخم، يشمل مساعدة لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، بالإضافة إلى تمويل مخصص لـ«أمن الحدود» كان قد مرره «مجلس الشيوخ»، واختياره بدلاً من ذلك التصويت على مشاريع قوانين تمويل إسرائيل وأوكرانيا وتايوان بشكل منفصل. بيد أنّه رغم محاولة كسب «رضى» عدد من أعضاء حزبه عبر تمرير المشروع الرابع المتعلق بطهران وتطبيق «تيك توك»، فإنّ جونسون، يعرّض، بحسب مراقبين، موقعه لـ«خطر كبير» بعد موافقته على تمرير مشاريع القوانين هذه. وبالنسبة إلى المساعدات المتعلقة بتايوان «وتعزيز» الوجود الأميركي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فقد صوت عليها 385 نائباً مقابل 34، وهي تندرج، جنباً إلى جنب التحركات الأميركية الأخيرة في بحر الصين الجنوبي، والدعوى المرفوعة بحق الشركة الصينية المالكة لـ«تيك توك»، في إطار مزيد من «التضييق» على الصين، ما سيثير على الأرجح، ردود فعل غاضبة من الأخيرة.

مساعدات أوكرانيا
على الضفة نفسها، صوّت 311 عضواً مقابل 112 لمصلحة المساعدات المخصصة لأوكرانيا، علماً أنّ الأصوات المعارضة كانت بأكملها من الجمهوريين، فيما صوت نائب جمهوري واحد بـ«حاضر». وسيتيح مشروع القانون بشكله الحالي، للرئيس جو بايدن، السعي إلى الحصول على سداد دين من الحكومة الأوكرانية بقيمة 10 مليارات دولار كمساعدات اقتصادية، وهو توجه يدعمه الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي دفع في اتجاه أن تكون أي مساعدة لكييف على شكل «قرض»، علماً أنّه يمكن إسقاط تلك القروض بدءاً من عام 2026. وفي أعقاب تمرير المساعدة، شكر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الولايات المتحدة على هذه الخطوة، معتبراً أنّها تسهم في إبقاء «مسار التاريخ على السكة الصحيحة». وأردف، في منشور عبر حسابه على «تيلغرام»، أنّه «ستكون للديمقراطية والحرية دائماً أهمية على الصعيد العالمي، ولن تفشلا أبداً ما دام أن أميركا تعمل على حمايتهما»، محاولاً الإيحاء بأنّ المساعدات الأميركية ستمنع الحرب من «التوسع» إلى سائر أوروبا، «وستنقذ» آلاف الأرواح.
رحب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بالمساعدة التي صوّت عليها 366 نائباً مقابل 58


ومن المتوقع أن يمرر «مجلس الشيوخ» التشريع، في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، بالتوقيت المحلي لواشنطن، ويحيله إلى بايدن للتوقيع عليه. وإذ تأتي المساعدات في وقت كثرت فيه التحذيرات الغربية أخيراً من أنّ الحرب أصبحت «على مفترق طرق»، قد يؤدي إلى انتصار روسيا «وإذلال الغرب»، في حال لم تصل المساعدات «بشكل عاجل»، فقد أكد الكرملين، الخميس، أنّ أي مساعدة عسكرية أميركية جديدة لأوكرانيا «لن تغير الوضع على الجبهة»، حيث تواجه قوات كييف وضعاً «سيئاً»، معتبراً أنّ مثل تلك المساعدات ليست إلا جزءاً من «السياسة الاستعمارية» للولايات المتحدة، وأنّ «جزءاً كبيراً» منها سيبقى في «المجمع الصناعي العسكري الأميركي»، ولن يسهم إلا في زيادة الديون على كييف، التي ستقاتل «حتى آخر جندي أوكراني». بدورها، دانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مشاريع القوانين، مشيرةً إلى أنّ «المساعدة العسكرية لنظام كييف هي رعاية مباشرة للنشاط الإرهابي، وتلك المخصصة لتايوان هي تدخّل في الشؤون الداخلية للصين»، أما دعم إسرائيل، فيمهّد، بحسب زاخاروفا، الطريق «نحو تصعيد غير مسبوق في الشرق الأوسط». في المقابل، قال ضابط أوكراني، في حديث إلى صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، رداً على سؤال عن المدة التي ستستغرقها إمدادات الأسلحة الجديدة للوصول إلى الخطوط الأمامية، إنّ الأخيرة «رهن عوامل عدة»، مشيراً إلى أنّ العملية قد تستغرق «أسابيع وربما أشهراً» حتى، فيما يرجح القادة والمسؤولون العسكريون الأوكرانيون أنّ الاستهداف الروسي للبنية التحتية الأوكرانية، طوال المدة الماضية، يهدف إلى تمهيد الطريق أمام «هجوم روسي في حزيران أو تموز»، بحسب الصحيفة.

المساعدات لإسرائيل
من جهته، رحّب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بالمساعدة التي صوّت عليها 366 نائباً مقابل 58، زاعماً أنّ تمريرها يعكس «الإجماع القوي بين الحزبين» على دعم إسرائيل، «والدفاع عن الحضارة الغربية». وكما كان متوقعاً، أججت المساعدة الأخيرة لحكومة نتنياهو الغضب على إدارة بايدن، التي رغم رفعها في المدة الأخيرة منسوب انتقاداتها العلنية لإسرائيل، بسبب إسراف الأخيرة في استهداف المدنيين وعمال الإغاثة وعرقلتها إدخال المساعدات على نحو يهدد صورة الولايات المتحدة في العالم، تستمر في إرسال الأسلحة والقنابل والمساعدات إلى الكيان. وفي هذا الإطار، أوردت شبكة «سي أن بي سي» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّ قرار بايدن إرسال المزيد من المساعدات أثار «غضباً» كبيراً في أوساط الناخبين المسلمين، الذين اعتبروا أنّه تمادى في دعمه للعدوان الإسرائيلي حتى نقطة «اللاعودة»، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والتي سيكون فيها لـ«مزاج» الناخبين المسلمين في ما يتعلق بحرب غزة دور أساسي في الولايات المتأرجحة، التي فاز فيها بايدن، عام 2020، بفوارق بسيطة.