نظمت الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان و«لجنة المتابعة» لمنظمات المجتمع المدني اللبناني والفلسطيني، وقفة تضامنية مع الكادر الطبي وعمّال الإغاثة الذين يتعرّضون للاستهداف الممنهج في قطاع غزة، كجزء من عملية الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي. وحضر الوقفة التضامنية التي استهلّت بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ممثلون عن الجمعيات والمؤسسات الصحية والإنسانية، وذلك في المركز الرئيسي لـ«مؤسسة عامل الدولية» في بيروت.

بداية، توجّه رئيس الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان، ورئيس «مؤسسة عامل الدولية»، الدكتور كامل مهنّا، بالتحية إلى «أرواح شهداء غزة وفلسطين، وكل من ارتقى من الطواقم الصحية الفلسطينية والأجنبية، وكل من يساعد في تضميد ذلك الجرح النازف»، وإلى «كل مقاوم يذود عن أرضه ووطنه في مواجهة أسوأ حالات الإجرام التي يمارسها العدو الصهيوني». وقال مهنّإ إن «ما يجري في جنوب لبنان لا ينفصل عما يجري في فلسطين»، لافتاً إلى «(أننا) أطلقنا خطة طوارئ وجهزنا لها ما يلزم، ونسقنا العمل معكم ومع مؤسسات الدولة ومنظمات دولية. كما نساهم مع المبادرة الوطنية لكسر الحصار عن غزة – لبنان، والحملة الدولية لإغاثة غزة، والعديد من الفعاليات الوطنية والشخصيات والجمعيات، في إرسال سفينة مساعدات إغاثية إلى غزة». وننسق مع مؤسسات دولية لنقل بعض الجرحى الأطفال من غزة إلى مصر. وسوف نقوم معكم بكل تحرك يساهم في أن تكف إسرائيل شرها عن الفلسطينيين، ونستخدم كل علاقاتنا في الداخل والخارج، لتكون هناك تحركات ترفع الصوت عالياً، لنصرة الطواقم الصحية وعمال الإغاثة، وكل أهلنا المظلومين في غزة».

وقال مهنّا إن «الغارة الإسرائيلية على عمال الإغاثة التابعين لمنظمة المطبخ المركز العالمي فجرت غضب العالم على ممارسات الجيش الإسرائيلي» مؤكداً على أنها «هزّت ضميرنا وضمير العالم، مثلما لاقت استنكاراً وتحذيراً من كل المنظمات الإنسانية الكبرى». وتمنّى مهنّا أن «يكون العالم أكثر عدلاً. فتهب عواصف استنكار أخرى كلما أغارت جحافل العدو الهمجية على المراكز الصحية والإغاثية والمستشفيات في غزة، وقد كان آخرها تدمير مركز الشفاء الطبي نهائياً، وإخراجه عن الخدمة، بعد ثلاث مراحل من الاعتداء السافر الذي نقلته شاشات العالم ووسائل التواصل الاجتماعي». وأضاف مهنّا أن «الحديث عن الإجرام الإسرائيلي غير المسبوق في العالم الذي يمارسه جيش نظامي على شعب أعزل، قتلاً، وبأبشع الأساليب، وتمثيلاً بالجثث، يزلزل المشاعر، من دون أن يوفر طفلاً أو امرأة أو عجوزاً، بل يتقصد أهدافه في إطار مشروع الإبادة الجماعية الذي ينفذه»، مؤكداً على أن «إسرائيل لا توفر جهداً في ترويع العاملين في الشأن الإنساني، لأنها تحمل فكراً عنصرياً تدميرياً لا يفهم هذه القيم، سواء في فلسطين أو في الدول التي تعتدي عليها بشكل مستمر، فحتى الآن تعرض مركزين لمؤسسة عامل الدولية في الخيام والفرديس جنوب لبنان إلى الضرر نتيجة القصف الإسرائيلي، وكذلك تم استهداف الهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة ومستشفى ميس الجبل بشكل متعمد وفقدنا شهداء مسعفين».

واستدرك مهنّا بأن «ذلك لم يثنينا عن القيام بواجبنا، فأصلحنا المركز وعقدنا فيه اجتماعاً تحت أصوات الغارات كي تبقى كلمة الإنسانية هي العليا وليس الترهيب الصهيوني. حياتنا هي رهن بنهضة مجتمعنا وبناء عالم أكثر عدالة وأكثر إنسانية، ولذلك لن يثنينا عن رسالتنا»، مؤكداً أن «لا حياد أمام ما يحصل، لأن كرامة الإنسان على المحك، ليس في فلسطين وحسب، إنما في العالم كله، لذلك لا بد من أن نتكاتف ونتعاون، ونمد أيدينا إلى كل ما نستطيع من منظمات إنسانية في العالم، في إجراء نأمل أن يكرس العولمة الإنسانية، وعولمة التضامن مع شعب فلسطين، في مواجهة أساليب التفتيت المعتمدة لإضعاف دولنا وشعوبنا». وختم مهنّا بالقول: «نحن في تجمع الهيئات الأهلية التطوعية ولجنة المتابعة لمنظمات المجتمع المدني اللبناني والفلسطيني، نعمل في لبنان، وعيننا على فلسطين، ولا يعني عملنا الإنساني والتنموي شيئاً إن لم نكن ملتزمين بالدفاع عن فلسطين وعن كل مظلوم في العالم».

بدوره، استعرض «منسق الجمعيات الفلسطينية» ورئيس «جمعية بيت أطفال الصمود»، الدكتور قاسم عينا، الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت القطاعات الصحية والإسعافية والطبية والإنسانية، بالأرقام. وقال: «نحن أمام كارثة إنسانية وهذا العدو الصهيوني لا يرحم البشر ولا الشجر ولا يرحم كل المخلوقات المتواجدة على أرضنا إن كان في جنوب لبنان الصامد أو في غزة العزّة»، لافتاً إلى أنه «عندما نتضامن مع أهلنا في غزة نتضامن مع الإنسانية ومع الحرية والكرامة، ولبنان وجنوبه الصامد وبقاعه الشامخ هم سند هذه القضية وليس من الآن بل منذ نشأة هذا العدو». وأضاف: «تاريخ هذا العدو الصهيوني سجل حافل بالمجازر ونحاول أن نقول أنه بفضل تضامننا وتعاوننا وبفضل دعم أشقائنا في ساحات دعم المقاومة في فلسطين سينتصر الشعب الفلسطيني على كل الجراح والآلام وستعود غزة حرة مستقلة وستعود الحياة إلى غزة قريباً».

أما كلمة «الهيئة الصحية الإسلامية»، فألقاها نائب رئيس «الهيئة»، مالك حمزة، قائلاً: «نصرّ على هذا الاستنكار تحميلاً للمسؤولية وإلقاءً بالحجة على جميع الجهات التي تدعي المناقبية والإنسانية والحماية للجهات الصحية العاملة في ميادين الحرب، وخصوصاً في فلسطين ولبنان»، لافتاً إلى أن «هذه الاعتداءات لن تثنينا أبداً وهذه الهيئة الصحية الإسلامية قدمنا العديد من الشهداء ومراكز دمرت وسيارات إسعاف قصفت بتعمد إسرائيلي، ونحن نفترض أن كل العاملين في هذا القطاع هم استشهاديون مثلهم مثل المجاهدين في غزة، فهم يقومون بعملهم ويعرفون أن لا مظلة تحميهم ولا شرعية دولية ولا قرارات دولية فقط يحميهم الله، وهم يقومون بهذا الواجب قناعة بدورهم وبما اعتادوا عليه ونحن مصرون في لبنان من خلال دعمنا لغزة أن نقوم بواجبنا بشكل كامل وفي أكثر من مجال سواء على مستوى إخلاء الجرحى أو الشهداء أو الإنقاذ أو إطفاء الحرائق وفتح الطرقات، والأخوة في الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية يقومون بهذا الدور». وأضاف حمزة «لقد أعدنا افتتاح مركز الهيئة الصحية الإسلامية في عيترون إصراراً منا على التواجد والمتابعة والحضور في الخطوط الأمامية نصرة لغزة ولأهل غزة ولنقول أن العاملين في القطاع الصحي هم جسد واحد أينما كانوا وأينما حلوا يتعاضدون ويتكاتفون ويتناصرون، وهذا اللقاء هو واحد من أشكال النصرة لغزة».

ومن جهته، قال رئيس «جمعية شبيبة الهدى»، مأمون مكحل: «يأتي هذا اللقاء بعد ارتكاب العدو أكثر من 2922 مجزرة راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين»، لافتاً إلى أن هذه الهجمات المتعددة ضد المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى تشكل «مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب بموجب نظام روما الأساسية. وتابع: «علينا رفع الصوت عالياً والتواصل مع المؤسسات الدولية والمعنية بحقوق الإنسان والضغط عليهم لتنفيذ القوانين التي تحمي أهلنا في غزة والمنشآت الصحية، والعمل على إرسال طواقم طبية إلى غزة أسوة بالأطباء الذين ذهبوا من الكويت والعديد من الدول الإسلامية والأجنبية، وتأمين المساعدات الطبية والآت مؤسسات الدفاع المدني والمراكز الصحية وتحضيرها، تشبيك العمل ما بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الصحية في لبنان».

وألقى كلمة «الإسعاف الشعبي»، أكرم بركات، بدوره، قائلاً: «نظراً لما يحصل في غزة وفي جنوب لبنان من تدمير ومن استهداف للطواقم الإسعافية فإن هذا دليل على التكامل بين الدم العربي، وهذا سيؤدي إلى النصر الذي سنصل إليه».