تصل إلى الدوحة، اليوم، وفود مصرية وأميركية وإسرائيلية، للمشاركة، إلى جانب الفريق القطري، في جولة مفاوضات جديدة حول صفقة تبادل محتملة للأسرى، يبدو نجاحها مرهوناً أولاً بمدى الصلاحيات التي سيمنحها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لوفده المفاوض، والتي يمكن، وفق طبيعتها، قراءة توجّه "تل أبيب" في عملية التفاوض. على أن المعضلة هنا أن لا اتّفاق في هذا الشأن داخل المستويَين السياسي والأمني في الكيان؛ إذ فيما يقود نتنياهو تحالفاً غير مُعلن لإحباط أيّ صفقة محتملة، يقف عضوا «كابينت الحرب»، بني غانتس وغادي آيزنكوت، على رأس التحالف الطامح إلى حصول اتفاق، علماً أن مسؤولين إسرائيليين كباراً اعتبروا أن نتنياهو يعمل على كسْب مزيد من الوقت، ويحاول «تخريب المحادثات»، عبر محاولاته المستمرّة إحالة القرار إلى مجلس الوزراء الأمني المصغّر، بعد «كابينت الحرب»، حيث يملك في الأول أغلبية تصوّت لمصلحة توجّهاته. على أيّ حال، سيغادر الوفد الإسرائيلي المفاوض، برئاسة رئيس «الموساد» دافيد برنياع، إلى الدوحة، اليوم، فيما تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه سيحصل على صلاحيات موسّعة. وفي هذا الإطار، أفادت تقارير صحافية بأن الوفد سيطلب بحث قضية الأسرى بالتفصيل، وتأجيل بحث مسألة عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، إلى آخر المفاوضات. ومنذ مساء الجمعة وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس، جرت اتصالات مصرية - إسرائيلية مباشرة عديدة، نوقش خلالها جزء ممّا سيتمّ طرحه في الدوحة. إلا أن المسؤولين المصريين يخشون، بحسب مصادر «الأخبار»، من «مفاجآت نتنياهو»، على رغم أن الوعود التي تلقّوها، وفق قولهم، تضمّنت تأكيدات أن «الوفد الإسرائيلي ستكون لديه صلاحيات واسعة». كذلك، يرى المصريون أن «إدخال المقاومة مسألة المجنّدات ضمن الصفقة، يُعتبر محلّ تقدير لدى الوسطاء». وبحسب المصادر، فإن «القاهرة والدوحة متفقتان على عدم إمكانية طلب أيّ تنازلات جديدة من المقاومة».
أبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم المصريين أن فشل هذه الجولة من المفاوضات يعني المضيّ في اجتياح رفح

على المقلب الإسرائيلي، وبحسب قناة «كان» العبرية، فإن مطالب «حماس» التي تمّت مناقشتها أمس في الكيان، هي:
1- ضمانة روسيا وتركيا للصفقة (إسرائيل ترفضها).
2- إطلاق سراح جميع المُفرج عنهم بموجب صفقة شاليط، والذين تمّ اعتقالهم مرّة أخرى (إسرائيل مستعدّة للإفراج عن بعضهم).
3- قول «حماس» إنها لن تتمكّن من الالتزام بعدد المختطفين الذين يمكن إطلاق سراحهم إلّا بعد الأسبوع الأول من وقف إطلاق النار.
وفي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة، أبلغ مسؤولون إسرائيليون، نظراءهم المصريين، بشكل مباشر، أن «فشل هذه الجولة من المفاوضات يعني المضيّ قدماً في مسار العملية العسكرية في رفح»، علماً أن القاهرة اطّلعت على ما يُزعم أنها «تصوّرات» للتعامل مع المدنيين خلال تلك العملية المفترضة. وبحسب المصادر، ترتكز هذه التصورات المزعومة على «نقل السكان بشكل سريع إلى داخل قطاع غزة خلال أيام قليلة، ثم تنفيذ عملية خاطفة». وفي المقابل، أبلغت القاهرة المسؤولين الإسرائيليين أنه «لا يمكن فرض واقع أمني واستراتيجي أحادي الجانب على الشريط الحدودي، خاصة أن التصورات المذكورة لا تتضمّن التعامل مع النزوح الفلسطيني المحتمل والاضطرابات الأمنية التي ستحدث عند الحدود».
على خط مواز، ترتفع حدّة المواجهة العلنية بين "تل أبيب" وواشنطن، حيث هاجم نتنياهو، أمس، «جزءاً من المجتمع الدولي»، عانياً بذلك الولايات المتحدة. وهدّد بأن «إسرائيل ستواصل هجومها على قطاع غزة، بما فيه مدينة رفح، على رغم الضغوط الدولية المتزايدة»، مضيفاً، في مستهل اجتماع للحكومة: «إلى أصدقائنا في المجتمع الدولي، أقول: هل ذاكرتكم ضعيفة إلى هذا الحدّ؟ بهذه السرعة نسيتم يوم السابع من أكتوبر، أسوأ مذبحة ارتُكبت ضدّ اليهود منذ المحرقة؟». وتابع: «بهذه السرعة أنتم مستعدّون لحرمان إسرائيل من حقّها في الدفاع عن نفسها ضدّ وحوش حماس؟».
في المقابل، ردّ زعيم المعارضة، يائير لابيد، على خطاب نتنياهو، قائلاً: «نُدرك أنكم ستخسرون الحرب، ولن تعيدوا المخطوفين، والانتخابات هي السبيل الوحيد لاستعادة العلاقات مع الأميركيين»، فيما أعاد مسؤول الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، التأكيد أن البيت الأبيض لم يرَ خطة إسرائيلية «ذات مصداقية لحماية النازحين في رفح في حال شنّ عملية عسكرية». وفي سياق تسليط المزيد من الضغوط على نتنياهو وحكومته، من المتوقّع أن تَطرح الولايات المتحدة مشروع قرار في «مجلس الأمن»، اليوم، يحمل لهجة شديدة ضد العملية المفترضة في رفح، ويعتبر أن من شأنها أن تعزّز احتمالات وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان. ولم تقتصر الانتقادات الأميركية لنتنياهو وسياسته على الديموقراطيين، بل إن المرشّح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، طالب نتنياهو، في مقابلة تلفزيونية، بـ«إنهاء الحرب»، مضيفاً: «افعل ذلك بسرعة، وعُد إلى عالم السلام، نحن بحاجة إلى السلام في الشرق الأوسط».