حضور القضية الفلسطينية وتجذّرها في عاصمة الشّمال، عبّر عنهما الحشد الكبير الذي شارك أمس في تشييع الشيخين الشهيدين أحمد عوض (أبو بكر) وخلدون ميناوي، وشهيدين تركيين كانا برفقتهما هما بلال أوزتوك ويعقوب أردال. والشهداء الأربعة سقطوا الثلاثاء الماضي، عندما استهدفت مُسيّرة للعدو الإسرائيلي سيارة كانوا يستقلّونها، جنوب مدينة صور، مع نائب مسؤول حركة حماس في لبنان خليل الخرّاز والشيخ سعيد ضناوي.حضرت التشييع قيادات تمثّل غالبية مكوّنات السّاحة الإسلامية، ومفتي طرابلس والشّمال الشيخ محمد إمام، مع حضور ضعيف لمشايخ دار الفتوى في طرابلس، رغم أنّ عوض شيخ «رسمي» يتبع للدار. كذلك شارك ممثّلون لقوى وتيارات وأحزاب سياسية مختلفة، وحشد بشري كبير لم يردعه إطلاق النّار الكثيف الذي أدّى إلى سقوط 11 جريحاً، رغم الدعوات إلى عدم إطلاق النار، وهو ما فُسر على أنه محاولة من جهات سياسية وأمنية لإفشال التشييع وفرط عقده.
الحضور الكبير عكس أجواء التضامن التي تسود طرابلس منذ اليوم الأوّل لعملية «طوفان الأقصى».
أهالي المدينة تلقّوا بفخر خبر استشهاد عوض وميناوي، ومعهما في اليوم نفسه المصوّر في قناة «الميادين» ربيع المعماري، فعلت التكبيرات من مآذن المدينة، ووزّع مواطنون الحلوى في الشّوارع ابتهاجاً.
إطلاق النار الكثيف خلال التشييع أدى إلى سقوط 11 جريحاً


كما أن هناك بعداً خاصاً بالشهيدين عوض وميناوي، لما لهما من حضور شعبي في المدينة. فالأول «يحمل فكراً دعوياً سلفياً غير متشدّد»، كما يصفه كثيرون ممّن يعرفونه، وله حضور بارز في العمل الاجتماعي والخيري، خصوصاً في المناطق الشعبية. فهو ابن منطقة ضهر المغر الشّعبية والفقيرة، ويسكن في محلة الزاهرية المجاورة، ويملك محلاً في سوق القمح الذي أعلن الإقفال ثلاثة أيّام حداداً. وهو كان فاعلاً في التيّار السلفي برئاسة الشّيخ الراحل داعي الإسلام الشّهال، قبل أن ينفصل عنه ويلتحق بهيئة العلماء المسلمين ويتقرّب من رئيسها السّابق وأبرز مؤسّسيها الشيخ سالم الرافعي، إلى أن أصبح الإمام المساعد للشيخ الرافعي في مسجد التقوى.
ويحمل ميناوي فكراً دعوياً سلفياً مشابهاً. وكان قد أُوقف على خلفية مشاركته في أحداث الضنّية عام 2000، قبل أن يتوجه إلى جانب اهتمامه بالشأن الدعوي إلى العمل في مجال التجارة على خط طرابلس ـ تركيا.
وتفيد معلومات بأن التركيين بلال أوزتوك ويعقوب أردال حضرا إلى لبنان عن طريق ميناوي، وهما ينتميان إلى فصيل يُطلق عليه «فوارس الأناضول». وربطت الأربعة علاقة بمسؤولين وناشطين في حركة «حماس»، وقد أبدوا رغبة بالمشاركة في العمليات التي تقوم بها كتائب عز الدين القسام – فرع لبنان لدعم المقاومة في غزة، وقصدوا الجنوب للقيام بجولة في المناطق الحدودية، عندما تمّ رصدهم من قبل العدو قبل اغتيالهم بقصف سيارتهم بثلاثة صواريخ.