مصارعاً، أمضى أحمد جبريل حياته العاصفة، وشاهداً على أدقّ تفاصيل الجلجلة الفلسطينية، منذ اقتعلت العصابات اليهودية للمستوطنين الأوائل، أعمدةَ بيت عائلته في قرية يازور قرب يافا عام 1948، وكان في عقده الأوّل. من هناك، يمَّم اليافوي وَجْهَهُ بتراب دمشق، فاكتشف أسرار الجغرافيا بين بحر فلسطين والداخل الشامي، وتعلَّم لغة الماء المنساب نحو الجنوب، رصاصاً وشوقاً للعودة إلى حديقة الريحان والليمون في يازور. إلّا أن العاصمة السورية وضعت جبريل الشاب النازح، أمام العقيدة السورية القومية الاجتماعية، وتأثّر تأثُّراً شديداً بأنطون سعاده وشهادته وقتاله من أجل فلسطين، فحفر سعاده في وجدانه حبّاً، بقي يتردّد على لسان أبو جهاد إلى آخر أيّام عمره.