في هذا التقرير تقدّم حملةُ مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان جردةً ببعض النشاطات التي تعتبرها خرقاً لمساعي عزل «إسرائيل»، أو تطبيعاً مع جرائمها واحتلالها. النشاطات تتوزّع بين مهرجانات الصيف الفنّيّة، وبعضِ الفعّاليّات ذاتِ الطابع السينمائيّ والرياضيّ.
ولا بدّ من أن نشير إلى أنّ هذا المقال لا يشمل نشاطاتِ ما بعد فصل الصيف (مثل حفل «ألتون جون» في كانون الأوّل 2017). كذلك لا يفوتنا احتمالُ حصول نشاطاتٍ أخرى لم تَعْلم بها حملةُ المقاطعة، لكونها هيئةً أهليّةً مستقلّةً ذاتَ قدراتٍ محدودة؛ الأمرُ الذي يستدعي اضطلاعَ الجميع بمسؤوليّاتهم. فكلُّ مواطنٍ خفير.

أوّلاً: المهرجانات الفنيّة لهذا الصيف

أ ـ من بين مهرجانات الصيف في لبنان يبدو أنّ «أجدرَها» بالمقاطعة، بعد مهرجان Tomorrowland الذي خصصناه بحملةٍ كبيرةٍ منفصلة، هو الحفلُ الفنيّ الذي تقيمه Hélène Segara. فهذه المغنّية، التي يُفترض أن تغنّي في مهرجانات غلبون الدوليّة في لبنان في 29 حزيران، سبق أن غنّت في باريس، بتاريخ 2/12/2015، قصيدةَ «القدس مِن ذهب» مع المغنّي الإسرائيليّ ـ الفرنسيّ أمير حدّاد.
هذه القصيدة هي للشاعرة الصهيونيّة نعومي شيمر، وكانت قد نظمتْها بتكليفٍ من رئيس بلديّة القدس آنذاك لكي تُغنّى في مهرجان الموسيقى الإسرائيليّة، قبل أسابيع من نكسة عام 1967. في ذلك الوقت كانت القدسُ الشرقيّة لا تزال تحت الحكم الأردنيّ، فراحت شيمر تَرثي لحال المدينة «الجافّة» المُوحشة. وما لبثتْ هذه القصيدة أن تحوّلتْ إلى نشيدٍ يحفِّز هِممَ الجنود الإسرائيليين. ولكنْ، في 7 حزيران 1967، «استعاد» الجيشُ الإسرائيليّ القدسَ الشرقيّة، وسمعتْ شيمر الجنودَ يُنشدون قصيدتَها أمام حائط البُراق، فأضافت مقطعاً يَقْلب جوَّ الرثاء إلى فرح. ولهذا السبب تُعتبر «القدسُ مِن ذهب» النشيدَ «الوطنيّ» الإسرائيليّ الثاني، بل اقترح البعضُ أن تحلَّ محلَّ «هاتكفاه» (النشيد الحاليّ)!
سيحتجّ البعض قائلاً إنّ سيغارا قد لا تَعلم خلفيّاتِ هذه الأغنية على الإطلاق، ولا أهمّيّتها الرمزيّة والمعنويّة الفائقة بالنسبة إلى «إسرائيل». ولكنْ، إنْ صحّ ذلك، فالمصيبةُ أعظم: إذ كيف تُنشد سيغارا، في خضمّ صراعٍ عربيّ ـ إسرائيليّ مديد، قصيدةً تتضمّن كلمة «القدس» في عنوانها، وباللغة العبريّة (ירושלים של זהב‎Yerushalayim Shel Zahav)، ومع الإسرائيليّ أمير حدّاد، من دون أن تأبهَ لمعرفةِ تلك الخلفيّات؟
ب ـ إلى جانب حفل سيغارا، هناك عدّة جهات فنيّة عالميّة أخرى يُفترض أن تقدّمَ عروضاً في لبنان هذا الصيف، ولكنْ سبق أن قدّمتْ عروضاً مماثلةً في الكيان الصهيونيّ مرّةً أو أكثر. وهذه الفرق هي:
Trio Wanderer (بعلبك في 30 تمّوز)، وسبق أن عزفتْ في «مهرجان إيلات العالميّ الثالث» بين نهاية شباط وبداية آذار 2008، وعادت فعزفتْ في 4/2/2016 في مهرجان إيلات العالميّ أيضاً؛ وBonnie Tyler (البترون في 17 آب)، التي أحيت حفليْن في تل أبيب في 6 و7 شباط من هذا العام 2017؛ وAlessandro Safina (مهرجانات الغلبون في 30 حزيران)، وكان قد قدّم حفلاً في تل أبيب في 18/2/2016 ؛ وSean Paul (جبيْل في 3 تمّوز) وكان قد غنّى في تل أبيب في 23/1/2016، وقبلها في عام 2007؛ وChris de Burgh (مهرجان أعياد بيروت، البيال، 11/7/2017) وكان قد قدّم حفلاً في تل أبيب في 29/3/2014.
ـ كذلك نذكّر بأنّ حملة المقاطعة في لبنان سبق أن كتبتْ عن شارل أزنافور، الذي تستضيفه مهرجاناتُ فقرا قريباً (15/7/2017)، وختمتْ مقالها بدعوة «اللبنانيين كافةً، وأنصارِ فلسطين والقضيّةِ الأرمنيّةِ العادلة بشكلٍ خاصّ، إلى مقاطعة حفله في البترون في الأول من آب 2015، وذلك بعد أن رفض الاستجابةَ إلى رسالةٍ سابقةٍ كانت الحملةُ قد بعثتْها إليه في 20/4/2012 تحثّه فيها على عدم الغناء في الكيان الصهيونيّ، انسجاماً مع رسائل سابقة وجّهتها الحملةُ إلى فنّانين آخرين، واتّساقاً مع حملةِ مقاطعةٍ عالميّةٍ ترفض «تبييضَ» صفحة هذا الكيان من خلال الفنّ.
ـ ونذكّر أيضاً بأنّ الحملة دعت كذلك إلى مقاطعة فعّاليّة جمال دبوز (الذي تستضيفه «مهرجاناتُ أعياد بيروت» في «البيال» في 25 تمّوز 2017 مع «النادي الكوميديّ» الخاصّ به)؛ فدبوز، المغربيُّ الأصل، الذي أدّى عرضَه الكوميديّ في جونية سنة 2015، رفض الإجابةَ عن رسالةٍ كانت قد وجّهتْها إليه الحملةُ في نيسان 2013 عن زيارته للكيان الصهيونيّ (مع زوجته) بدعوةٍ من جهاتٍ رسميّةٍ إسرائيليّة، وعن قيامه بالصلاة أمام حائط البُراق، ودافع أيضاً عن الفنّان الصهيونيّ آرتور.
ج ـ سيتساءل بعضُكم: هل نقاطع كلَّ مَن أحيا حفلًا فنّيّاً في الكيان الصهيونيّ؟
إنّ رؤية حملة المقاطعة في لبنان في ما يخصّ، تحديداً، المشاركةَ الفنّيّة والثقافيّة والأكاديميّة العالميّة في مهرجانات ومؤتمرات في «إسرائيل»، تنسجم تماماً مع رؤية حركة المقاطعة العالميّة (BDS)، و«الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة لإسرائيل» (PACBI)، اللتين تريان:
«أنّ إسرائيل تَستخدم الثقافةَ نوعاً من البروباغندا لتبييض أو تبرير نظامِها القائم على الاحتلال والاستعمار الاستيطانيّ والفصل العنصريّ (الأبارتهايد) ضدّ الشعب الفلسطينيّ. ومثلما دعا ناشطو مقاومة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا الفنّانين والكتّابَ العالميين والمؤسَّساتِ العالميّة إلى مقاطعة جنوب أفريقيا ثقافيّاً، فإنّ PACBI تحثّ العاملين في الحقل الثقافيّ والمؤسّسات الثقافيّة في العالم... على مقاطعة و/أو العمل على إلغاء الفعّاليّات والأنشطة والاتفاقات والمشاريع التي تشمل إسرائيلَ أو مجموعاتِها الضاغطةَ أو مؤسَّساتِها الثقافيّة».

جردة لبعض النشاطات التي تُعتبر
خرقاً لمساعي عزل «إسرائيل»


وعليه، فإنّ حملة المقاطعة في لبنان ترى أنّ المشاركة في أيّ نشاط فنّيّ أو ثقافيّ أو أكاديميّ في الكيان الصهيونيّ تسهم في تلميع صورته وإظهارِه كياناً حضاريّاً وقِبلةً للفنّ والثقافة. ولذا حثّت « العريضةُ الوطنيّةُ للمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة لإسرائيل»، وهي عريضةٌ أنشأتها حملةُ مقاطعة داعمي «إسرائيل» ولجنة «قاطعْ» في ربيع العام الماضي (2016) ووقّعها أكثرُ من 350 فنّاناً ومثقفاً وناشطاً في لبنان، على:
«عدم استضافة فنّانين أو مثقّفين أو أكاديميين عالميّين متورّطين في دعم «إسرائيل» أو تلميعِ صورتها، إمّا بالتصريحات العلنيّة، أو بالمشاركة في نشاطات داخل الكيان المذكور... ويُستثنى من ذلك كلُّ مَن تَراجَعَ عن أوجه التواطؤ المذكورةِ هنا، أو جاءت مشاركتُه في نشاطاتٍ داخل فلسطين 48 تحت شعارٍ واضحٍ هو دعمُ الشعب الفلسطينيّ في مواجهة الاحتلالِ والاستيطان والعنصريّة».
ومن هنا، فإنّ موقف حملة المقاطعة في لبنان من الفنّانين العالميّين القادمين إلى لبنان، وسبق أن أحيوْا حفلاتٍ في دولة الاحتلال، هو دعوتُهم إلى التعهّد بعدم تكرار ذلك في المستقبل (إلّا تحت الشعار المذكور).
د ـ وضمن مهرجانات هذا الصيف المقرَّر عقدُها في لبنان، نشير إلى أنّ Michel Bolton، وهو مغنٍّ أميركيّ، أجدادُه من المهاجرين الروس، يُزمع في 27 حزيران إحياءَ حفلٍ في جونية
. وكان بولتون قد زار الكيانَ الصهيونيّ «لأوّل مرّة» في 26/19/2015 من دون أن يعلنَ السبب. غير أنّه كتب على صفحته على الفيسبوك أنّه «متحمّس ليكونَ هنا [في تل أبيب] مع أنّها زيارةٌ قصيرة». ثم تساءل بتذاكٍ واضح: «أيُّ بلدٍ على رأس القائمة في زيارتكم أنتم؟»، موحياً أنّ «إسرائيل» هي خيارُه الأوّل من بين كلّ البلدان الجديرة بالزيارة.
فهل سيسأل جمهورُنا (وإعلاميّونا وصحافيّونا) في لبنان السيّد بولتون عن سبب حماسته لزيارة إسرائيل، ولماذا كانت على رأس قائمته، وهل ما زالت كذلك؟ وهل سيسألونه عن معرفته بتاريخ «تل أبيب»، الغارقِ في الدمار والدم والتهجير الذي لحق بيافا وجوارِها؟ نتمنّى عليهم ألّا يَغفلوا عن هذه الأمور جميعِها، وألّا يستجيبوا لدعوة البعض إلى «فصل الفنّ عن السياسة».

■ ■ ■


ثانياً: في الرياضة

في 4 تمّوز يُفترض أن يشارك جيرار بيكيه (Gerard Piqué)، وهو لاعبُ كرة قدم إسبانيّ يلعب في الفريق الأوّل لنادي برشلونة منذ سنة 2008 وفي منتخب إسبانيا الأوّل منذ سنة 2009، في تكريم اللاعب اللبنانيّ الدوليّ رضا عنتر في صيدا. وكان بيكيه قد رافق صديقتَه المغنّية الكولومبيّة شاكيرا (التي له منها ولدان) في زيارةٍ للكيان الصهيونيّ في حزيران 2011، بناءً على دعوةٍ للمشاركة في مؤتمر الرئاسة الإسرائيليّة. وهناك التقيا رئيسَ الكيان شمعون بيريس؛ كذلك زارا حائطَ البُراق، والتقط بيكيه صوراً مع عناصر في الشرطة الإسرائيليّة.
هذا وكانت مجموعةٌ من الإسرائيليين والفلسطينيين قد وَجّهتْ رسالةً إلى شاكيرا وبيكيه تحثّهما فيها على الامتناع عن المشاركة في المؤتمر المذكور، لِما فيه من «حَرْفٍ للأنظار عن انتهاكات إسرائيل المتواصلة لحقوق الفلسطينيين الإنسانيّة، ومن تشريعٍ لسياسيّيه البارزين أمثال شيمون بيريس».
تجدر الإشارة إلى أنّ لاعبين وإداريين من نادي برشلونة زاروا الكيانَ الصهيونيّ، ومناطقَ خاضعةً للسلطة الفلسطينيّة، في آب 2013، وذلك في إطار جولة «سلامٍ» مزعومة بين الضحيّة والجلّاد.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ أحدَ رعاة تكريم رضا عنتر هو شركة G4S التي كانت ضالعةً في مدّ السجون والمعتقلات والحواجز الإسرائيليّة بمعدّات أمنٍ وإنذارٍ وموظّفين، ثم توقّفتْ عن ذلك بعد حملة مقاطعةٍ عالميّةٍ عارمة، لكنّها ما زالت ضالعةً في مركز تدريب للشرطة الإسرائيليّة، وفي بعض النشاطات داخل المستوطنات (غير الشرعيّة بموجب القانون الدوليّ نفسه).

■ ■ ■


ثالثاً: في السينما

في هذه الفقرة، نضع أمام مكتب مقاطعة إسرائيل، التابعِ لوزارة الاقتصاد اللبنانيّة، وأمام جمهورنا في لبنان، بحثَنا القصير، المنسجمَ مع إمكاناتنا، عن بعض الأفلام المزمعِ عرضُها خلال الأسابيع المقبلة.
1)Spider-Man: Homecoming: أحدُ المنتِجين المنفِّذين لهذا الفيلم، الذي يُفترض أن يبدأ عرضُه في 6 تمّوز 2017، هو Avi Arad. وُلد آراد في غيفاتاييم في فلسطين المحتلّة أثناء نكبة 1948، وترعرع هناك، ثم شارك ضمن الجيش الإسرائيليّ في حرب عام 1967 ضدّ الجيوش العربيّة، قبل أن يهاجرَ إلى الولايات المتحدة.
2) The Hunter’s Prayer: هذا الفيلم، الذي يُفترض أن يُعرض في صالات لبنان في تمّوز 2017، هو من بطولة Odeya Rush، وهي ممثّلة وعارضة إسرائيليّة وُلدتْ وترعرعتْ في حيفا سنة 1997.
3) Boyka: Undisputed IV: هذا الفيلم، الذي يُفترض أن يُعرض في 15 حزيران 2017، من إنتاج الإسرائيليّ Boaz Davidson (وُلد في تل أبيب سنة 1943)، والإسرائيليّ الأميركيّ Avi Lerner (وُلد في حيفا سنة ١٩٤٧)، ومن بطولة الإسرائيليّ Alon Aboutboul (وُلد في فلسطين المحتلّة سنة 1965).
الجدير ذكرُه أنّه، في غمرة انشغال حملة المقاطعة في لبنان بمنع فيلم «المرأة الخارقة»، عُرض في الصالات اللبنانيّة فيلم The Zookeeper›s Wife. هذا الفيلم يضمّ 3 ممثّلين إسرائيليين: 1) إيدو غولدبِرغ، وُلد في تل أبيب سنة 1975. 2) إيفرات دور، وُلدتْ في بيرشيبا (بئر السبع) سنة 1983، وأدّت دورَ شرطيّة إسرائيليّة في مسلسل بعنوان Downtown Precinct، ومثّلتْ في فيلمين باللغة العبريّة: «عصفور»، و«كابكايكس». 3) شيرا هاس، وُلدتْ سنة 1995 في هودهاشارون (التي تأسّستْ سنة 1964 من اتّحاد بعض المستوطنات الصهيونيّة) في فلسطين المحتلة، ومن الأفلام التي مثّلتْ فيها: «حكاية حبّ وظلام»، و«أميرة»؛ ويبدو أنّها من مؤيّدي «حمامة السلام» شيمون بيريس.

■ ■ ■


هذه حصيلة أوليّة لهذا الصيف، نضعها برسم الجمهور في لبنان وخارجه. تابعونا... وقاطِعوا ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً.

(الهوامش والمصادر على النسخة الإلكترونية)