وتضمّن قرار التعليق اتّهامات للدبيبة بالفساد والسرقة والنهب، وهي الاتهامات ذاتها التي ردّدها خصومه، خلال الأسابيع الماضية. وتُعدّ هذه الخطوة التطوّر الأخطر على الأرض، منذ فترة طويلة، خصوصاً أنّ اللجنة كانت قد نجحت في تجاوز العديد من الخلافات والانقسامات بين الشرق والغرب، وفي العمل بإيقاع منتظم حتى في خضمّ الأزمات السياسية، ما منع اشتباكات مسلّحة كادت تحدث مرّات عدّة، في أكثر من مكان.
تضمن العروض للدبيبة خروجه من طرابلس مع أحقّيته بالترشح للانتخابات الرئاسية
ويسعى رئيس الحكومة المكلف، فتحي باشاغا، المؤيّد ضمناً للضغط بورقة النفط، إلى إظهار موقف رجل الدولة المتّزن، فقد طالب بضرورة ضبط النفس، وعدم الانجرار وراء التصعيد السياسي والعسكري. كما دعا، في بيان، إلى ضرورة تجنيب المؤسّسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي والمؤسّسة الليبية للاستثمار، الدخول في دائرة الاستقطاب والاستغلال السياسي، والالتزام بدعمها، وفق أسُسٍ وطنية متجرّدة. وهذه المرة، لا يعدّ التصعيد عسكرياً، بل سياسي - اقتصادي، مرتبط بعدة أمور تمسّ المصالح الغربية في ليبيا، ليس فقط في ما يتعلّق بالنفط والتصدير، ولكن أيضاً بإغلاق الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة، وإيقاف تسيير الرحلات بين الشرق والغرب، وعدم التعاوُن بأيّ شكل من الأشكال مع حكومة الدبيبة، التي يعتبرها البرلمان غير قانونية، بالتالي التقسيم الضمني للبلاد، علماً بأن حكومة باشاغا باتت تحظى بدعم في الداخل على نطاق واسع، استناداً إلى الوعود التي قطعها رئيسها لزعماء القبائل، خلال اللقاءات في الفترة الماضية.
وفي هذه الأثناء، كشفت مصادر عربية، لـ»الأخبار»، أنّ الدبيبة لديه عروض تسوية تضمن خروجه من طرابلس بشكل لائق، مع أحقّيته في الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، شرط أن يقوم بتسليم السلطة بشكل سلِس. وطلبت أطراف عربية من الجانب التركي إيصال هذه العروض إليه، في الأيام الماضية، خصوصاً في ظلّ تراجُع الدعم العربي لحكومته بشكل كبير، في الأسابيع الأخيرة، ودعم حكومة باشاغا المكلّفة من البرلمان، والتي ستكون مسؤولة عن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية عام 2023، بموجب خريطة الطريق المتّفق عليها.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه البعثة الأممية الصمت تجاه التطوّرات الأخيرة، يبذل السفير الأميركي، ريتشارد نورلاند، جهوداً، بالتنسيق مع جهات سيادية مصرية، للتأكيد على ضرورة عدم اتخاذ أيّ خطوات أحادية الجانب، من شأنها الإضرار بالمصالح الأميركية بشكل خاص، والغربية بشكل عام. وجاء ذلك فيما تراجع الحديث لدى الطرفين الأميركي والأوروبي، عن ضرورة الإسراع في العملية الانتخابية لتسليم السلطة، في مقابل ضرورة الحفاظ على الاستقرار المؤقّت القائم بالفعل، خلال الفترة الحالية.