كان لا بد للتحريض الإعلامي الذي استثمرت فيه mtv طويلاً أن يؤدي إلى ما أدركته الأمور أخيراً: اشتباك بالأيدي يتخلله إطلاق نار، وليس هناك ما يمنع من بلوغ مرحلة سقوط ضحايا إذا ما ترك حبل المحطة على غاربه. ليست المرة الأولى التي يهيئ فيها مارسيل غانم للنار فرصة الإتقاد. يجهز كل عوامل الإصطدام، يضع الناس المختلفين في مواجهة بعضهم، يحضّر لحلقته التلفزيونية كما لو أنه يرسم خطة حربية مكتملة المواصفات، ثم يعلن بداية السباق نحو التصادم بمتعة من يطلق رصاصة الإنطلاق.محطة mtv نفسها ليست بعيدة عن هذا المناخ، بل هي في صميمه. يمكن القول بأن وجود مارسيل فيها جاء تطبيقاً للقاعدة المتداولة: «وافق شن طبقة». لطالما كانت شاشة المر تواقة إلى إثارة النعرات الطائفية والمذهبية. في حلقة الخميس الفائت، كان الإعداد متقناً. استغلال الإحساس بالغبن الذي يستشعره جمهور «التيار الوطني الحر»، بعد انقضاء ولاية الرئيس ميشال عون من دون تحقيق ما كان، هو وجمهوره اللصيق، وفئة واسعة من اللبنانين، يطمحون إلى تحقيقه. بعيداً عن النقاش الدائر حول طبيعة العوائق التي حالت دون ذلك، ثمة شعور متحكم بشرائح واسعة من الشعب اللبناني يدور حول الواقع المأسوي الذي أدركه وطنهم، والذي لا يمكن تبرئة كل المهيمنين على السلطة منذ تسعينيات القرن الماضي من مسؤوليتهم المباشرة عنه جذوراً، وفصولاً، وتداعيات. وإذا كان بوسع نقاش موضوعي رصين أن يلقي بجزء من المسؤولية على العهد المنصرم، فإنّ وضع الأعباء كلها فوق كاهل التيار العوني هو خبث سياسي واستهتار فادح بعقول الناس، يتوازى مع سرقة مدخراتهم، ويضاف إلى حرمانهم من الشروط الدنيا لحياة كريمة. تبدو الإشارة مناسبة هنا إلى تعليق رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على الحادثة عل حسابه على مواقع التواصل الاجتماع، حيث قال لا فض فوه: «بعض الأطراف السياسية منيت بالخسارة والخيبة، وتحاول التعويض بافتعال التوتير السياسي والتجييش الطائفي». يكفي بعض التمعن في كلام الرجل، وهو في مقدمة الذين أثروا عندما جاع وطنهم، لتبيان خطورة اللعبة التي يجري التحضير لها، وتمثّل «أم. تي. في» وجوكرها المتقدم مارسيل غانم أدواتها الملائمة.
في الحلقة الماضية، أطلق غانم شرارة الفتنة، مستقدماً النائب وضاح الصادق، الساعي إلى «تغيير نواب التغيير»، وقد جاء إلى البرنامج متكئاً على كلام مسيء سبق له إطلاقه، يتضمن سخرية من تجارب نضالية تشغل حيزاً جوهرياً من الوجدان العوني، يرونها، عن حق، مصدر فخر وتمايز في مسيرتهم الكفاحية. وكان بديهياً أن يؤول النقاش معه إلى صدام مفتوح على نهايات يصعب التكهن بها. أشعل مارسيل غانم النار، ثم انصرف نحو هاتفه يتواصل مع مرجعياته المتعددة، ويرصد أصداء أدائه الملتبس، فلما استعرت، استعاد دوره ببراءة ليدعو إلى التهدئة وضبط النفس، والإلتزام بالضوابط وقواعد السلوك السليم. أما محطة الفتنة، فانبرت إلى إصدار البيانات «الثورية» التي تعد باليل والثبور