«خيمة 56»... لا يستحق الميّت كلّ هذا العزاء!

  • 0
  • ض
  • ض
«خيمة 56»... لا يستحق الميّت كلّ هذا العزاء!

تضجّ السوشال ميديا السورية منذ أيّام باحتجاجات متلاحقة على الفيلم السوري «خيمة 56» (سيناريو وحوار سندس برهوم وإخراج سيف الشيخ نجيب، وبطولة: نوار يوسف وصفاء سلطان وعلاء الزعبي وشادي الصفدي) رغم أنه صور قبل حوالي أربع سنوات ضمن برنامج تابع للاتحاد الأوروبي، ولم تلق هذه الأفلام أي رواج ولم يُسمع عنها شيء، منذ إنجازها، إلى درجة يقول بعض العارفين بأن تلك الأفلام رُميت في الأدراج ونسيت تماماً. اللافت أن تثار زوبعة ضد الفيلم السوري بعد هذه السنوات الطويلة من انجازه، لكنّ ما حدث بأن الشريط حُمّل على اليويتوب قبل أربعة أشهر، ومن ثم تداولت بعض الصفحات مقاطع منه خلال الأيّام الأخيرة، وما إن حدث ذلك حتى سمعنا صوتاً يصرخ بشكل جماعي «يا غيرة الدين» وولعت الدنيا بيانات استنكار من عشائر في درعا، تبعها اعتذار من أحد ممثلي الفيلم وهو علاء الزعبي، ثم تعهّد بالعمل على حذف الشريط عن المنصّات. كلّ ذلك لأن الفيلم يقدّم مقترحاً من مخيّم للاجئين السوريين يجّرب فيه الأزواج أن يجدوا لأنفسهم مكاناً خاصاً ليمارسوا فيه العلاقات الحميمة! كل المشكلة كانت حول هذه الفرضية. هكذا، انتفض كثيرون من المنطقة معتبرين أنّ المادة تسيء لـ «حرائر» مدينة درعا، على اعتبار أنّ الشخصيات تحكي بلهجة حوارنية، وبأن الممثل علاء الزعبي ابن هذه المدينة أكثر من «أسهم في هذه الإساءة»، وهو ما جعلهم يتبرّأون منه، فيما استعاد هو شيئاً من فكر بيئته أصلاً، وهرع ليعتذر خوفاً من غضب العشيرة! المفارقة بأن الفكرة على سذاجتها والأسلوبية الموغلة في سطحية معالجتها لا تمثّل أي إساءة للمرأة سواء كانت لاجئة أو أنها تتبوّأ أرفع المناصب في أقوى الدول وأكثرها تحضّراً. الحاجة الجنسية مطلب بيولوجي يحتاجه أي إنسان وفكرة أن الزوجة تطلب ذلك من زوجها أو العكس، يجسّد تعبيراً أمثل عن الحالة بشكلها الاجتماعي الشرعي من دون هدم للتابوهات أو تحدّ للأعراف والتقاليد. وإذا كان صنّاع الفيلم يستحقون تضامناً واسعاً، فإنه من الواجب النقدي القول بصراحة إنّ الشريط لا يرقى لأن يسمّى فيلماً أصلاً، كونه يعاني من عطب صريح في الفكرة، وطريقة معالجتها، والسيناريو وأسلوب البناء الحكائي الذي يفتقر أصلاً لأساسيات الصنعة، والمنطق السليم في التصعيد وسلامة البنية. الحكاية مكتوبة بصيغة تجافي السينما، ولا تحقّق السوية المطلوبة للبناء القصصي بحدّه الأدنى حتى. تبدأ القصة من دون أي تمهيد وتتوالى المشاهد بعشوائية من دون أن نعرف متى تبدأ اللقطة وماذا يمكن أن يليها، كما تغرق الشخصيّات في سطحية مبالغ فيها، ويهوي الشريط في مسرح الحكاية وهو المخيّم المترف بالأحداث والغني بالمعاناة، إلى مكان فقير، إلى درجة أن كلّ من فيه لا يفكّر إلا بالجنس، ليلاً نهاراً، حتى الأطفال مصابون بهذه الحمى، كونهم يبذلون جهداً للتلصّص على الخيمة 56 التي قرر أهل المخيّم بناءها على أن يتعاقب عليها الأزواج تباعاً لممارسة علاقة حميمية بهدوء وبعيداً عن أطفالهم.

0 تعليق

التعليقات