على جسر «الرينغ» صباحاً، ولدى عودة المحتجين اليه بعيد فتح الطرق أمس، من قبل الجيش اللبناني، خرقت سيدة لبنانية الجموع هناك، وعرفنا بعد ذلك أنها استاذة جامعية، وواكبت الحراك الشعبي منذ اليوم الأول لإنطلاقة شرارته. جاءت لتحرق العلم الإسرائيلي تحت أنظار الإعلام، مما أثار بلبلة كبيرة في صفوف المحتجين ومُنعت السيدة من حرق العلم. هرج ومرج ساد التغطية الصباحية، التي تطورت الى استصراحات مع المحتجين، منهم شابة ساهمت في منع حدوث هذا الأمر، إذ صرّحت لقناة lbci، أنها لا «تكره اسرائيل» بعدما عرّفت عن نفسها بأنها تحمل الجنسية الأميركية وتعيش حالياً في لبنان. الشابة التي لا تتقن اللغة العربية ولا اللهجة اللبنانية بطلاقة، اصطادها الإعلام والمنصات الإلكترونية، والناظر في تصريحها لا بد من أن يقرأ سطحية وضحالة في الثقافة الوطنية ومعرفة البديهيات. الشابة اعتبرت أنّ اقحام «اسرائيل» في الحراك والتظاهرات لا مكان له، ووجب التركيز على الوضع اللبناني والحكومة ايضاً. التصريح الذي أثار بلبلة في «الرينغ» وخرجت أصوات معارضة له، معتبرة أنه كلام لا يمثل الا صاحبه، ساهم الشحن الموجود على الأرض في اشعاله أكثر، مع خروج تصريحات أخرى من المحتجين مؤيدين لكلام الشابة اللبنانية. على الشاشة نفسها، وبعد وقت قليل، عادت الشابة واجتمعت مع الأستاذة الجامعية، على الهواء، فقالت أن حضورها الى مكان الإعتصام حدث لأنها أرادت أن تظهر أن لا سفارات ولا تمويل يتلقاه الحراك، عبر إقدامها على حرق العلم الإسرائيلي، ليصار بعدها إلى حرق العلم الإسرائيلي على الهواء، ونقلته شاشة mtv أيضاً. الفيديو الذي ظهرت فيه الشابة وأدلت بدلوها تجاه العدو سرعان ما انتشر باطراد على مواقع التواصل الإجتماعي، وأثار ضجة بدوره، لكن الناظر في حقيقة الأمر، أن هذه الحادثة، أخرجت نقاشات جانبية في الحراك الشعبي، في وجود فئة من اللبنانيين وخاصة الجيل الشاب، الذي لا يجد في «اسرائيل» عدواً للبنان، بل إقحامه في هكذا سجالات (الحراك) يعدّ ضمن أجندة سياسية وقضايا قد تشغل الأهداف الأساسية التي نزل الشباب من أجلها في الشوارع. هي باختصار قصة غياب وعي وفهم للواقع اللبناني، خاصة عند الشريحة التي لم تعش مآسي العدوان الإسرائيلي، وصادفت أن البث المباشر أسهم في إخراج هكذا كلام، من ثمة محاولة تعديله من قبل المتظاهرين على «الرينغ»، فلاقت نصيبها من الهجوم. حرق العلم الإسرائيلي ليس بجديد على مشهد الحراك الشعبي، فقد شهدت الأيام الأولى مشاهد مماثلة سيما في مناطق الجنوب إبان التظاهرات الإحتجاجية هناك، وطبعاً كانت مناسبتها وأهدافها مختلفة عن «الرينغ»، أتت بعيد إقحام المقاومة في سجالات الحراك، وأتى إحراق العلم ضمن سياقات سياسية وشعبية، ليؤكد أن هؤلاء يكنّون العداء لإسرائيل.