بعد مرور أكثر من اسبوعين على الإضراب الشامل الذي نفذه موظفو «المستقبل»، ما أدى إلى شل القناة الزرقاء وإيقاف برامجها المعتادة ونشراتها الإخبارية، بقي تجاهل المعنيين بهذه الأزمة الحاضر الأبرز، سيما مالك المحطة سعد الحريري الذي عاد من سفره أخيراً ليعود ويتجه إلى نيويورك من دون أن يحرّك ساكناً في المصير المعلق لعشرات الموظفين الذين لم يتقاضوا ولو جزءاً بسيطاً مما اتفق عليه سابقاً بينهم وبين الإدارة حتى لو تمت التضحية بزملاء لهم. أما مدير عام التلفزيون، رمزي جبيلي، فغادر بدوره إلى كندا لقضاء إجازة عائلية.اليوم، تتصاعد الأزمة أكثر، مع الخطوة التي اتخذها مدير العمليات هناك عارف الإبريق عبر تبليغ الموظفين قبل يومين عبر «واتساب» أن لا «داعي للمجيء مجدداً الى «بيروت هول»، متوجهاً اليهم في تسجيل صوتي لا يتعدى الست وثلاثين ثانية، أن يعتبروا أنفسهم في «إجازات سنوية» لغاية مجيء «الرد» في نهاية الشهر الحالي. خطوة شملت أيضاً المتعاقدين (فريلانس) الذين يعملون في البرامج من منتجين ومذيعين وتقنيين. تسجيل أثار بلبلة كبيرة داخل أوساط الموظفين، وزاد الطين بلّة، في ظل الغموض الذي يسود مصير الرواتب والمستحقات المالية، واعتبار هذه الخطوة استفزازية، وتمهيدية لإطالة الأزمة الحالية، وطرد الموظفين، وحتى مهينة بحقهم بالطريقة التي توجه بها اليهم (واتساب). حالة «الهيجان» كما يصفها لنا أحد المصادر في الداخل، استدعت تدخلاً من قبل قسم شؤون الموظفين، إذ أوضح لهم أن المقصود بالتسجيل، حاجة المؤسسة للتوفير في المصاريف المترتبة عن فتح استديوات «بيروت هول» من كهرباء و«موتورات» وكل ما يتعلق بتشغيلها. وبالفعل، أقفلت أول من أمس، الاستديوات التي كان يأتي اليها الموظفون يسجلون حضورهم (كنوع من الحفاظ على حقوقهم) ولا يعملون داخلها بحكم الإضراب المستمر منذ نهاية الشهر الماضي، مما اعتبر -في خطوة الإجازات السنوية للموظفين- بمثابة عملية طرد غير معلنة لهم، وسط تكتم شديد على مصير المستحقات المالية. ومع حلول نهاية الشهر الحالي، وبدء موسم المدارس، ما زال مصير أولاد الموظفين مجهولاً أيضاً، فهؤلاء الذين يعيشون أزمة إجتماعية اقتصادية خانقة، كيف لهم أن يسجلوا أولادهم في المدارس؟ وكثر منهم لم يسدد حتى الأقساط التي تراكمت في العام الماضي.
ومع إقفال استديوات «بيروت هول» وسط ذرائع تتحجج بها الإدارة، وخلفيتها بالطبع وقف «تمريك» الرواتب شهرياً وتكدّسها على رأس الإدارة، يبقى هذا القرار الذي اتخذته الإدارة بمثابة ورقة رابحة جديدة تستخدم في الأزمة الحالية، بعدما حكي مجدداً وبقوة عن اسباب وكواليس الإضراب الأخير والوصول الى هذه «التخريجة» اليوم التي تقضي بإيقافهم عن العمل، والصمت إزاء حقوقهم المادية المتراكمة وتعويضات من يراد صرفه تعسفياً، وإقفال استديوات «بيروت هول». على أن تتكشف في الفترة القادمة كواليس ما يحاك داخل القناة الزرقاء، خاصة على صعيد إعادة هيكلة الإدارة (الإتجاه الى تصغير القناة بدل اقفالها) لتتخطى الأزمة حقوق الموظفين الى صراع خفي بين الأقطاب في الداخل (التلفزيون) وخارجه. صراع سيتظهر في الأيام المقبلة.
في السياق نفسه، بعد الوقفة التي نفذتها نقابة المحررين الثلاثاء الماضي، دعت نقابة المصورين الى وقفة «لرفع الصوت ضد الإهمال الرسمي لقطاع الصحافة والإعلام» يوم الثلاثاء القادم (20 آب) في «ساحة الشهداء». النقابة وصفت الوقفة بيوم «الإنتصار للقضية» بغية استمرار هذا القطاع، وختم بيانها بالقول: «في اتحادكم قوة آن الوقت ليكون الكل واحداً في مواجهة التحديات».