ما زال جهاز التلفزيون حاضراً بقوة في يوميات اللبنانيين، سيما في شهر الصوم. لا يمكننا الحديث عن هجرانه، خاصة مع عوامل مستجدة دخلت هذا العام، وأجبرت المتابع على الركون أمامه لمتابعة الأعمال الدرامية، نتحدث هنا عن إقفال مواقع الكترونية مقابل الدفع مسبقاً، وحرمان المتابع من مشاهدتها بالمجان. وككل عام، تبدأ شركات الإحصاء، ومعها القنوات، وجيوش السوشال ميديا، بالترويج لهذه الأعمال بطريقة واضحة. أرقام تخرج علينا بين الفينة والأخرى، مع إنتهاء الأسبوع الأول لرمضان، ومحاولة رسم صورة أوّلية عن تصدّر المسلسلات ومعها القنوات. في السابع من أيار (مايو) أي بعد يوم واحد من بدء شهر الصوم، أعلنت «الجديد» أنها تتصدر قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على التلفزيون.
واستندت الى شركة GFK لتدعم هذا التعميم الذي أظهر ـــ إذا تحدثنا في الفترة المسائية ــــ تصدّر كل من «الباشا» (كتابة رازي وردة، اخراج عاطف كيوان)، و«آخر الليل» (قصة ديمتري ملكي ــ معالجة درامية عبير صيّاح ــ إخراج: أسامة الحمد)، و«دقيقة صمت» (كتابة سامر رضوان، وإخراج شوقي الماجري)... وسط صمت بقية القنوات عن إعلان الأرقام، واتفاق «إيبسوس» مع غريمتها، حول العملين الدرامين المتصدرين («الباشا» و«آخر الليل»)، ليحلّ ثالثاً «انتي مين؟» (قصة وسيناريو حوار كارين رزق الله- إخراج ايلي حبيب-mtv). الى جانب أرقام الإحصاء، قام برنامج «المشهدية» (الميادين)، أول من أمس، ببث أرقام استندت الى بيانات تويتر، أي نسبة التفاعل مع المسلسلات، عبر استخدام الهاشتاغ. وزّع البرنامج أرقامه على الدراما المشتركة، والدراما المصرية، واللبنانية والسورية. هكذا، ظهرت على الشاشة الرسوم البيانية للمسلسلات وأرقام الهاشتاغات التي وصلت اليها. في الدراما المشتركة تصدرّ حسب أرقام «المشهدية» كل من «خمسة ونص»، (600 مليون هاشتاغ)، تلاه «الهيبة-الحصاد» (152 مليوناً)، و«الكاتب» و«دقيقة صمت» (30 مليوناً). أما في «الدراما السورية»، فتصدر «حرملك» (80 مليوناً)، وحلّ ثانياً «مقامات عشق»، وثالثاً «مسافة أمان»، و«سلاسل دهب» رابعاً، وفي المرتبة الخامسة «عندما تشيخ الذئاب».
وفي ما خصّ الدراما المصرية، حلّ «زلزال» (200 مليون) أولاً، و«كلبش 3» (100 مليون) ثانياً، وتوزعت المرتبتان الثالثة والرابعة على «زي الشمس»، و«ولد الغلابة». وأخيراً، في مجال الدراما اللبنانية، احتلّ «بروفا» المرتبة الأولى، و«اسود» الثانية. أما «انتي مين؟» فحلّ في المرتبة الثالثة.

طبعاً، إزاء هذه الأرقام تحرّكت حسابات نجوم هذه الأعمال، بخاصة المحلية منها، وبدأت تهلل لهذه الأرقام، والترويج بأن أعمالها تتصدر فعلاً القائمة المنافسة. تغريدات بالجملة أعقبت نشر النتائج التي لا تستند الى أي أساس علمي، بل الى جمع أرقام عدد الهاشتاغات التي رافقت عرض الأعمال. هو وقوع في الفخ طبعاً، على منصة الكترونية تفاعلية، أي تويتر، تعجّ بالتزوير والتحشيد الواهم، بخاصة في شهر رمضان الذي تتنافس فيه الأعمال الى العظم. القائمة تطول في تفنيد هذه الطريقة في النشر بالإتكاء على أرقام وملايين هاشتاغات وضعت في هذا العالم. ومعلوم أن لكل نجم جيشه الإلكتروني، الذي يحشد له كثيراً في هذا الشهر، ويتولى الدفاع والترويج لأعماله بطفرة حتى يعطي انطباعاً بأن المسلسل فعلاً «كسر الأرض» كما يقال.
في المحصلة، الأرقام المنشورة أكانت تلك المستندة الى مشاهدات التلفزيون، أو الى بيانات تويتر، لا تعدّو كونها غير نهائية، وبعضها مشكوك في صحته. والدليل كما كل عام، أن عدداً من الأعمال يلقى رواجاً لأنه يستأهل ذلك، وقد لا يجد جيشاً الكترونياً يطبّل له، فيقع في ذيل القائمة، مقابل أعمال تتعرض للنقد، وتتسم بأداء باهت، ويغرق تويتر بهاشتاغاتها!