عبر بث حيّ على وسائل التواصل الإجتماعي، وثّق الجاني برينتون تارانت (استرالي الجنسية)، جريمته المرّوعة صباح اليوم، في مسجدين في مدينة «كرايست تشيرتش» في جزيرة «ساوث آيلاند». هجوم إرهابي، أودى بحياة أكثر من 49 ضحية، نساء ورجالاً، كانوا قد بدأوا الصلاة هناك. الفيديو الذي سجله منفذ الهجوم، بلغت مدته نحو 17 دقيقة، وفيه يظهر في سيارته، وهو يرتدي بزة عسكرية، ومن حوله أسلحة حربية آلية. بعدها دخل المسجد وقام بإطلاق النار لأكثر من 15 دقيقة، وأردى عشرات المصلين أرضاً، الذين بدوا في الصور غارقين في دمائهم. بعدها خرج القاتل، بهدوء تام، الى الشارع، وصوّب نيرانه بشكل عشوائي هناك، وعاد بعدها ليفرغ رصاصات جديدة، وكررّ الفعلة عينها حين خروجه من المسجد الى الشارع، ليستقل بعد ذلك السيارة على أنغام الموسيقى. حادثة الإعتداء على مسجدين في نيوزيلندا، رفع حالة التأهب القصوى في البلاد، وصنّفت الجاني ضمن خانة «المتطرف اليميني». إعلامياً، تفاوت التعاطي مع هذه المذبحة، التي انتشرت صوّرها المروعة سريعاً. عدد منها لم يشأ أن يصف المذبحة بـ «الإعتداء الإرهابي»، كما حصل مع «الحرة» التي وصفت المجزرة بـ «الهجوم المسلح». وكذلك فعلت «العربية» و«الجزيرة» في توصيفهما لما حدث. أما «bbc عربي»، فقد وضعت في البداية، خبراً عاجلاً على موقعها، بعبارة «إرهابيين» بين مزدوجين، في مسافة واضحة من إدانة المجزرة، لتعنون بعدها المجزرة بـ «حادثة إطلاق النار».
هكذا، بدا واضحاً، تعاطي وسائل الإعلام مع المذبحة المرّوعة، في نيوزيلندا. تشتت مصطلحات، وتوصيفات، وغياب أي إدانة للحادثة الأليمة، فيما مرّر بعضها بعض التبريرات المتعلقة بالقاتل، عبر إعادة سرد ما كتبه في بيان بأنه «رجل أبيض من الطبقة العاملة»، وقرر أن «يتخذ موقفاًَ لضمان مستقبل شعبه»، وأتى «للانتقام من مئات القتلى الذين سقطوا بسبب الغزاة في الأراضي الأوروبية على مدى التاريخ». التوثيق للمجزرة عبر البث الحي على فايسبوك، اتخذ فيه الأخير قراراً بإزالته، مع جميع الصور غير المتأكد من صحتها، الى جانب التعليقات التي تؤيد الهجوم الإرهابي. كذلك، فعل موقع يوتيوب، وعمل على إزالة كل المواد العنيفة.