انطلقت القنوات الحكومية السورية قبل شهرين بـ «حلة جديدة» وتغيير في هويتها البصرية لتعلن بذلك بدء مرحلة جديدة في الإعلام السوري وهي مرحلة «ما بعد الحرب» وفقاً لتصريحات وزير الإعلام عماد سارة. إلا أن ذلك التغيير فشل في إقناع المتلقي السوري أنه أمام محتوى إعلامي جديد ومتفرد يلامس وجعه ويقترب من تفاصيل يومياته. قبل يومين، بدأت فعاليات معرض «الإعلام والإعلان» التخصصي على أرض مدينة المعارض في دمشق. يحرص الحدث وفقاً للمنظمين، على تقديم أحدث الخدمات في مجال الإعلام والإعلان والتقنيات الإعلامية والطباعة الحديثة، موفراً الفرصة للاطلاع على تجهيزات الشركات الإعلامية الأخرى.يقول الإعلان عن المعرض إنه يشارك فيه قرابة 77 شركة عربية ومحلية من وسائل إعلام متعددة ومتخصصة، لكن الحصة الأكبر كانت بالطبع للوسائل المحلية فيما سجّلت الشركات والوسائل العربية حضوراً يتيماً من قبل بعض الدول منها سلطنة عمان ومصر، إضافة إلى مشاركة من التلفزيون الصيني وقناة «العالم» الإيرانية.
محلياً، تشارك القنوات السورية الخمس في المعرض بالإضافة إلى وكالة «سانا» الرسمية واتحاد الصحافيين وعدد من المواقع والشبكات الإخبارية الخاصة. إلا أن أجنحة القنوات السورية كانت خالية من أي ممثلين عنها في اليوم الثالث للمعرض، فيما رفض اتحاد الصحافيين أن يدلي بأي تصريحات صحافية تخص المعرض، بحجة أن لا متحدث عن الاتحاد. علماً أن الشخص المتكلم هو مدير العلاقات العامة، وكذلك رفضت وكالة «سانا» أن تدلي برأيها في المعرض تحت الحجة نفسها.
جريدة «الأيام» الخاصة وهي إحدى الصحف السورية التي ظهرت أخيراً على الساحة الإعلامية وتمتعت بهامش من الحرية، وكان لها تحقيقات ومقالات عديدة صورت من خلالها بعض أوجه الفساد والقضايا التي شغلت المواطن السوري، سجلت حضورها في المعرض عن طريق المشاركة بجناح خاص بها، في الوقت الذي تعاني فيه من بعض المضايقات آخرها قرار موجه من محافظة دمشق إلى مركز شرطة المحافظة يقضي بإغلاق مقر الصحيفة وختمه بالشمع الأحمر. وفي حديثه لـ «الأخبار»، قال الصحافي، أنطوان قصمه جي، الذي يكتب في قسم الاقتصاد، إنّ «هناك هامشاً من الحرية مفقوداً في سوريا وهذا يقف عائقاً أمامنا كصحافيين سوريين غيورين على وطننا ونتمنى كل التمني أن تحمل الأيام القادمة انفراجاً على هذا الصعيد كي نتمكن من العمل بحرية مطلقة دون أي عوائق».
من جهته، يرى عامر قوشجي رئيس مجلس إدارة «الشركة الدولية للتنمية والتطوير العمانية» إن مشاركة الجانب العماني في المعرض تعنيه أكثر مما تعني الجانب السوري «كون سوريا متقدمة في مجال الإعلام والدراما»، وأن الهدف من المشاركة هو الاطلاع على آخر التقنيات والامكانيات والخبرات الموجودة في سوريا كاشفاً عن تعاون قريب في مجال صناعة الدراما بين سوريا وعمان.
الإقبال الجماهيري على المعرض كان خجولاً ومخيباً للآمال وفقاً لما قاله أحد المشاركين، عازياً ذلك إلى مكان المعرض الذي يقع على طريق مطار دمشق الدولي، مما خفف من الإقبال عليه كونها منطقة تقع خارج العاصمة ويصعب الوصول إليها خاصة لمن لا يملك سيارة. وأضاف أنه كان يفضل أن يقام المعرض في قلب المدنية كونها مقراً لأغلب الوسائل الإعلامية، بالإضافة إلى طلاب الجامعة لاسيما طلاب كلية الإعلام. وفي الوقت الذي امتنع فيه كثيرون عن زيارة المعرض بسبب البعد والمواصلات، لم يجد الصحافي عمر مالكي مانعاً من أن يهدر ساعتين من وقته على الطريق ذهاباً وإياباً لييطلع على العروض التي تقدّمها الوسائل والشركات. وقال في حديثه إلى «الأخبار» إنه لم يلمس أي جدوى من إقامة هذا المعرض حتى الآن، إذ لم يقدم أي شيء جديد على الصعيد الإعلام والإعلاني، معتبراً في الوقت عينه «أنّه خطوة مهمة من أجل أن نتعلم ونحرز تقدماً في المستقبل، فدائماً ما تحمل البدايات بعض الأخطاء».
تبقى مشاركة مشروع «حلم» الأغنى، إذ حضر بجناح خاص في وسط المعرض خُصّص جداره للزوار لكتابة أحلامهم التي تقاطعت كثيراً فيما بينهم، فمنهم من حلم بأن يحقق حلمه في الإعلام داخل البلد من دون أن يحتاج إلى السفر وآخر حلم بعودة الأمن وآخرون حلموا بالراحة المادية وانتهاء الوجع السوري.