«هل باع سمير جعجع موجودات الـ LBC واسمها وشعارها إلى LBCi أم لم يبعها؟»، بهذا السؤال، بدأت قناة LBCi، أحد تقاريرها التي بثّتها، خلال الأيام القليلة الماضية، استباقاً لجلسة المحكمة التي كانت مُقرّرة، اليوم، في الدعوى المقدمة من «القوات اللبنانية» ضد رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر وlbci، والتي جرى تأجيلها إلى 22 حزيران، بسبب عدم حضور جعجع إلى قصر العدل، «لأسباب أمنية». وقد حضر الجلسة النائب جورج عدوان، بوكالته عن جعجع، كما حضر الوزير السابق كريم بقرادوني بصفته شاهداً.
الضاهر «اشترى»... جعجع «لم يبِع»
الضاهر يقول إن LBCi اشترتها وجعجع يقول إنه لم يبعها، ولم يعلم حتى بوجود LBCi عند تأسيسها في عام 1992، إلا بعد خروجه من السجن عام 2005. وفي هذا السياق، تشير قناة LBC إلى أن «الضاهر طلب مراراً مواجهة مباشرة مع جعجع أمام القاضي، ولم يُستجب لهذه المطالب على مدى سنوات المحاكمة العشر السابقة، في ظل رفض جعجع المتكرر لهذه المواجهة». من هذا المنطلق، خلُصت المحكمة استناداً إلى ما لديها من معطيات أن ليس بإمكانها تكوين قناعة كافية لإصدار الحكم، فقرّرت القاضية فاطمة جونية فتح المحاكمة من جديد ودعوة جعجع إلى جلسة الاستجواب، وإعادة استجواب الضاهر وإعادة الاستماع إلى الشاهد كريم بقرادوني، للتثبت من حصول الاتفاق بين جعجع والضاهر، عام 1992، وعلى تأسيس الأخير لـ LBCi وعلى شرائها موجودات LBC وديونها واسمها وشعارها.
وفق LBCi، فقد تبيّن أن «ما أفاد به جعجع أمام قاضي التحقيق بشأن ما حصل في تلك السنة يتناقض مع إفادات الشهود، حتى الذين تمّت تسميتهم من قبله»، مشيرة إلى أنه «بموجب الاتفاق، أخذت LBCi على عاتقها ومسؤوليتها متابعة تسديد جميع الديون المتوجبة على LBC، بما فيها تلك المتوجبة للقوات اللبنانية». القناة تؤكد في نشراتها أن «الاتفاق حصل، وجعجع كان يعلم بتأسيس الضاهر للـ LBCi عام 1992، أي قبل سنتين من دخول جعجع السجن». وتضيف أن «هذا الاستنتاج قد جاء من إفادات الشهود، الذين قام جعجع نفسه بتسميتهم لقاضي التحقيق». وهؤلاء الشهود هم «المرحوم أنطوان الشويري، شاهد القوات اللبنانية، الذي أكد على الاتفاق بين جعجع والضاهر حول تأسيس LBCi».
وتنقل LBCi عن الشويري قوله: «جرت عدة اجتماعات بين جعجع والضاهر وشويري لإيجاد المخرج القانوني اللازم، فطرح الشوري حلاً قانونياً بأن تنشأ شركة جديدة باسم LBCi تقوم بشراء موجودات LBC واسمها وشعارها وديونها وهذا ما تم». بدوره، أكد الشاهد ابراهيم اليازجي، الرئيس السابق للصندوق الوطني ومدير مكتب جعجع، بين عامي 1992 و1994، لقاضي التحقيق أنه «حصل اتفاق بين الضاهر وجعجع بحضوره إثر حل الميليشيات وإقفال مداخيل الصندوق». ثم تأتي شهادة كريم بقرادوني، أحد مؤسسي LBC عام 1985، لتؤكد ما أفاد به الضاهر وعلى أقوال الشويري واليازجي، بحصول الاتفاق بين جعجع والضاهر على بيع LBC لموجوداتها وديونها وشعارها لشركة LBCi.

وتُرجع القناة أسباب بيع سمير جعجع أصول LBC وديونها عام 1992 إلى LBCi وبيار الضاهر، إلى الآتي:
الأزمة المالية للقوات بعد حربَي التحرير والإلغاء عامي 1989 و1990، والحصار السياسي والأمني الذي نتج منهما، هذا فضلاً عن شروط الترخيص للتلفزيونات الخاصة. فقد استنزفت الحرب أموال القوات، فارتفعت ديونها بسبب التضييق عليها وتوقف الجباية غير الشرعية للصندوق الوطني، وتدنّت مواردها، وتراجع تمويلها بعد حل الميليشيات، فبدأ سمير جعجع كقائد للميليشيا المنحلّة يبحث عن سبل للتخفيف من الأعباء المالية، فلجأ إلى بيع السلاح وبعض الممتلكات الخاصة بالقوات.
وفي عز تلك الأزمة، طُرحت مسألة التراخيص للمؤسسات الإعلامية وشروط التراخيص تلك، بالإضافة إلى جوانبها القانونية كانت بحد ذاتها ترتب أعباء مالية إضافية على القوات للأسباب الآتية:
إخلاء مبنى دار المعلّمين في صربا العائد لوزارة التربية والمصادر من قبل القوات اللبنانية
تسديد ثمن الحقوق للبرامج والأفلام والتوقف عن القرصنة
دعوة قضائية من تلفزيون لبنان ضد LBC لوقف استخدامها التردد العالي جداً VHF بطريقة غير شرعية، ولمطالبتها بتسديد عطل وضرر بملايين الدولارات
إشعار تلقته الشركة عام 1991 من مصارف لبنانية بوجوب تسديد مبلغ متوجّب عليها حينذاك، بقيمة مليونين و600 ألف دولار أميركي
تغطية الخسائر المتراكمة على الشركة منذ عام 1985 والتي فاقت الـ 11 مليار ليرة لبنانية سنة 1991
التحضير لقانون البث المرئي والمسموع الذي من ضمن شروطه الأساسية حظر تملّك الأحزاب المؤسسات الإعلامية وإدخال مساهمين من جميع الطوائف والمذاهب، إضافة إلى دفتر شروط فنية وإدارية قاسٍ جداً، لم يكن في إمكان القوات بما كانت تمثله تأمينه
علاوة على كل ما تقدم، ظروف إضافية دفعت بجعجع نحو اتخاذ قراره بيع موجودات وديون LBC، أبرزها دخول منافسين جدد على الخط، البعض منهم كان من المستثمرين الكبار، ومواجهة هذه المنافسة تعني حكماً زيادة التمويل في LBC
فضلاً عن ذلك، تشير القناة إلى أنه «ليست هذه الأسباب وحدها التي دفعت بجعجع إلى البيع، فثمة ظروف سياسية وأمنية كانت حينذاك ضاغطة عليه وعلى القوات، وساهمت في دفعه نحو خيار بيع سلاح القوات وموجودات وديون LBC». ومن تلك الظروف:
اتهام جعجع بمحاولة اغتيال الرئيس الياس الهراوي، في 7 آذار 1991
اتهامه أيضاً بمحاولة اغتيال ميشال المر، في 20 آذار 1991
خسارته انتخابات رئاسة الكتائب في حزيران 1992، بعد تدخّل السلطة لمصلحة جورج سعادة
تزعّمه حملة مقاطعة الانتخابات النيابية عام 1992
إخراجه من مبنى المجلس الحربي وسائر الأبنية المصادرة من قبل القوات اللبنانية، بما فيها مبنى LBC عام 1992

القوات ترد: ظنين أساء الأمانة
عشية انعقاد جلسة المحكمة، أصدرت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» بياناً أكدت فيه أنه في الوقت الذي «تقترب فيه المحكمة من إصدار حكمها في قضية إساءة الأمانة المتهم بها الظنين بيار الضاهر في دعوى المؤسسة اللبنانية للإرسال، وبعدما استنفد المدعى عليه طوال أكثر من عشر سنوات كل أساليب المماطلة والتسويف، ها هو يلجأ يائساً إلى استخدام الإعلام، وتحديداً الوسيلة الإعلامية الواضع يده عليها غصباً من أجل تحريف الوقائع عن طريق اجتزائها وإساءة تفسيرها». البيان أضاف أن «ثقتنا بالمحكمة راسخة، ونعلم أن هذه الأساليب الملتوية أبعد من أن تؤثر بها أو بالرأي العام، الذي أكد ثقته مرة جديدة بالقوات اللبنانية في الانتخابات التي جرت». وأشار إلى أن «القوات اللبنانية ستلجأ إلى القضاء لوقف ما سمّته هذه المهزلة الإعلامية، التي إن دلّت على شيء فعلى الخوف الذي يعتري الظنين من ساعة الحقيقة، كما جاء في بيان القوات».
أما خلال جلسة اليوم، فقد طلب عدوان ووكلاء جعجع، انتقال هيئة المحكمة للاستماع إليه في معراب، لاستحالة توجهه إلى المحكمة «لأسباب أمنية، ولأن موعد الجلسات معلن عنه مسبقاً». كذلك، قدّم المحامي نعوم فرح، بصفته وكيلاً عن الضاهر، اعتراضاً على طلب وكلاء جعجع نقل المحكمة إلى معراب، مؤكداً «حرصه على موضوع أمن وسلامة جعجع»، لكنه اعتبر أن «نقل المحكمة إلى معراب قد يؤثّر على سير المحاكمة».
وفي السياق، أشار عدوان إلى أن المحكمة قرّرت أنها ستجيب عن طلب الانتقال، في ظرف أسبوع. وقال: «أستغرب الكلام عن قضية الـ LBC، كما لو كنّا نتكلّم عن شركة، في وقت أن هذه المحطة هي للقضية ولا يمكن لرئيس الحزب د. جعجع من بيعها، وبالتالي نحن نتحدث عن ظنين أساء الأمانة هو بيار الضاهر حسب القرار الظني»، لافتاً إلى أن الظنين وعند اقتراب موعد الحكم، تتعب نفسيته ويخاف، وتابع: «لا بد من أن تظهر الحقيقة والـ LBC لم تكن يوماً للبيع».
ورفض عدوان الدخول في تفاصيل المحاكمة، مشيراً إلى أن البحث القضائي يناقش داخل قاعة المحكمة. وقال: «لن أسمح لأحد باستدراجي كرجل قانون لأعطي أي تفصيل، والـ LBC للقضية وستعود لها حكماً».
وأبدى عدوان تفاؤله بأن الدعوى قد شارفت على النهاية، وختم بالقول: «إن شاء الله، الحكم البدائي بات قريباً. وفي النهاية الحكم للقضاء». كما توقّع عدوان صدور القرار قبل العطلة القضائية.
من جهته، قال الضاهر بعد انتهاء الجلسة: «أفهم أن لجعجع وضعاً أمنياً، لكنني لا أعرف كيف أن الوصول إلى قصر العدل أمر صعب، فيما الوصول إلى الاحتفالات الشعبية لا يسبّب المشاكل». وأضاف أنه «في حال إصرار جعجع على مواجهتنا في معراب بدل قصر العدل، نُصرّ على أن يكون المكان البديل للمواجهة استديوات الـ lbci».