دخل فيلم «كودا» التاريخ بصفته أول فيلم من إنتاج منصة للبثّ التدفقي (ستريمينغ) يفوز بأوسكار أفضل فيلم خلال احتفال جوائز الأوسكار الذي أقيم بدورته الرابعة والتسعين أمس في لوس أنجليس. وكان الفيلم ذو الميزانية المتواضعة عن الحياة المعقدة لزوجين من الصمّ والابنة السليمة السمع، أبرز مكافآت الأوسكار، في نتيجة خالفت التكهنات المتداولة منذ أشهر وسددت ضربة لأعمال كبيرة منافسة. وجعل فوز هذا العمل المقتبس عن الفيلم الفرنسي La Famille Bélier منصة «آبل. تي. في +» أول منصة للبث التدفقي تفوز بالمكافأة الأبرز ضمن جوائز الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل. ونالت مخرجة العمل شان هيدر جائزة أوسكار أفضل سيناريو مقتبس، فيما حصل الممثل تروي كوتسور الأصم منذ الولادة على أوسكار أفضل ممثل في دور مساعد في الفيلم. وكما كان متوقّعاً، كانت هناك حصّة لفيلم جين كامبيون «قوّة الكلب» الذي نالت عنه جائزة أفضل إخراج لتصبح بذلك ثالث امرأة تفوز بالجائزة على مدار تاريخ الجائزة البالغ تسعة عقود. وفازت أريانا دوبوز بجائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن أداء دور أنيتا في فيلم «قصة الحي الغربي» الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ. وحازت ديبوز (31 عاماً) حديثة العهد بالأفلام الطويلة، استحساناً واسع النطاق لدور أنيتا وهي امرأة من بويرتوريكو تعرض مواهبها في الغناء والرقص في أغنية «أميركا». وشكرت ديبوز «الملهمة الإلهية» ريتا مورينو التي فازت بجائزة أفضل ممثلة مساعدة في 1962 عن دور أنيتا الذي لعبته في النسخة الأصلية من الفيلم.وفاز الفيلم الياباني الدرامي «قودي سيارتي» بجائزة أفضل فيلم أجنبي. وتدور أحداث الشريط الذي تبلغ ثلاث ساعات حول ممثل ومخرج أرمل يلعب دوره هيديتوشي نيشيغيما يضطر إلى مواجهة الشياطين أسفل السطح الذي يبدو مثالياً لزواجه بعد وفاة زوجته. والفيلم الذي أخرجه ريوسوكي هاماغوتشي مقتبس عن قصة قصيرة للكاتب الياباني المعروف هاروكي موراكامي.
ونال الممثل ويل سميث جائزة أفضل ممثل عن دوره في «الملك ريتشارد» حيث يؤدي شخصية والد ومدرب بطلتي التنس سيرينا وفينوس وليامس. وتوجه الممثل باكياً «بالاعتذار من الأكاديمية» (الجهة القائمة على جوائز الأوسكار)، بعدما أثار ذهولاً لدى الحاضرين في القاعة إثر اعتلائه المسرح في حالة استياء لتوجيه صفعة للفكاهي كريس روك بعيد إطلاق الأخير دعابة بشأن الرأس الحليق لزوجته جادا بينكت سميث المصابة بمرض يؤدي إلى تساقط الشعر بكثافة. وفازت الأميركية جيسيكا تشاستين بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في «ذي أيز أوف تامي فاي» الذي جسدت فيه شخصية مبشرة تلفزيونية.
وكانت الممثلة التي بلغت أخيرا عامها الـ45، قد رُشحت مرتين سابقاً لجائزة أوسكار من دون أن يحالفها الحظ، بداية عن دورها في «ذي هلب» ثم عن أدائها في «زيرو دارك ثيرتي».
أما جائزة أفضل فيلم وثائقي، فنالها «سامر أوف سول» لموسيقى الهيب هوب والمتمحور حول حفل لافت لكنه منسي في هارلم في نيويورك سنة 1969 سُمي «بلاك وودستوك». هذا الفيلم الحائز جوائز عدة منذ طرحه، خصوصاً خلال «مهرجان ساندانس» سنة 2021 (جائزتا لجنة التحكيم والجمهور)، والمليء بالطاقة الإيجابية تغلّب على أعمال منافسة بينها خصوصاً وثائقي الرسوم المتحركة «فلي» عن مسيرة لاجئ أفغاني. وفي صيف عام 1969، حين كان «مهرجان وودستوك» الأيقوني يتحضر لتسطير صفحة تاريخية في موسيقى الروك وعالم الهيبي، أقيم مهرجان موسيقي آخر على بعد حوالى 150 كيلومتراً، في أحد متنزهات هارلم في مانهاتن. وخلال ست حفلات مجانية في الهواء الطلق، صفق حوالى ثلاثمئة ألف متفرج غالبيتهم من السود الأميركيين، للمغني الشاب آنذاك ستيفي ووندر والمغنية نينا سيمون التي سألت «الشعب الأسود» عما إذا كان مستعداً لأن «يحرق مبانيَ»، إضافة إلى أسماء كثيرة أخرى بينها بي بي كينغ و«إدوين هوكينز سينغرز». لكن رغم هذه الكوكبة البارزة من الفنانين، طوى النسيان المهرجان، والهدف الأول من الفيلم هو إعادة تعريف الجمهور بهذا الحدث كما أعاد اكتشافه كويستلوف واسمه الحقيقي أمير خالب تومسون، عازف الدرامز في فرقة «ذي روتس» لموسيقى الهيب هوب والذي وقّع أول فيلم طويل في مسيرته.
وأبعد من أجوائه الموسيقية وأنماط اللباس التي يُظهرها، أعيد تقديم «مهرجان هارلم الثقافي»، محطة «فخر لدى السود»، في إطاره التاريخي خلال مرحلة متشنجة ومحورية للسود في الولايات المتحدة بعد عام على اغتيال مارتن لوثر كينغ. إلى جانب فوز فيلم «بلفاست» بجائزة أفضل سيناريو أصلي، و«إنكانتو» بأفضل فيلم رسوم متحركة، شهد الاحتفال وقوف مشاهير هوليوود دقيقة صمت «تعبيراً عن الدعم للشعب الأوكراني في مواجهة الغزو الروسي». وعُرضت مجموعة عبارات على شاشة الاحتفال في قاعة «دولبي ثياتر» جاء في أولها «نطلب منكم التزام دقيقة صمت لإظهار دعمنا للشعب الأوكراني الذي يواجه حالياً غزواً وصراعاً وظلماً داخل حدوده».