احتضن «المتحف الوطني» في بيروت أمس احتفالاً بتقديم خمس قطع أثريّة من متحف «نابو» (الهري ــ شمال لبنان ـــ تأسّس عام 2018) إلى «متحف دمشق». خطوة أكد المنظمون أنّها «بادرة ومبادرة لتجسيد التعاون بين البلدين في المجال الثقافي».خلال الحدث الذي رعاه وحضره، أكد وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام مرتضى في كلمته أنّ «الصهاينة الذين اغتصبوا أرض فلسطين حاولوا، وما زالوا يحاولون اغتصاب منجزاتنا الحضارية وتراثِنا الثقافي بتجلياته المادية والروحية كافّة وانتحالها لأنفسهم، كوسيلة لتأييد مزاعمهم بأن لهم في بلادنا حقاً موهوماً». وتابع: «وهذا ما علينا مواجهته، بالمقاومة الفكرية التي تمشي جنباً إلى جنب مع المقاومة العسكرية، وفق خطة معرفية بدأها كثيرون من مفكرينا وأظهروا بالأدلة التاريخية المسنَدَةِ إلى قواعد العلوم الحديثة زيف تلك المزاعم...».
وشدّد الوزير على أنّ ما يجمع لبنان بسوريا ليس التاريخ المشترك فحسب، بل الحاضر الذي يجعل «المستقبل أكثر سلاماً وإشراقاً بمقدار ما يتجذّر التعاون بين البلدين في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي الذي يريد تدمير تاريخنا، والإرهاب التكفيري الذي يريد تشويهه، وهما في ذلك متكافلان متضامنان»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ حوادث التاريخ أثبتت أنّ «أيّ خطر يتهدّد إحدى الدولتَيْن ينعكس حتماً على الأخرى، وأي أمن تتمتع به إحداهما تنتفع حتماً به الأخرى. وما شهده لبنان خلال الحرب المشؤومة، وما تعرضت له سوريا في السنوات العشر المنصرمة خير دليل». وتابع: «وهذا بالضبط ما غنّته فيروز من كلمات سعيد عقل: شامُ أَهْلوكِ إذا هُمْ عَلى/ نُوَبٍ، قلبي عَلى نُوَبِ...».
علماً بأنّ الاحتفال البيروتي جرى بمشاركة السفير السوري علي عبد الكريم علي، والمدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا محمد نظير عوض، ومدير التنقيب والدراسات الأثرية في وزارة الثقافة السورية همام سعد، إلى جانب جواد عدرا أحد مؤسّسي متحف «نابو».
أما القطع، فهي عبارة عن تماثيل تدمرية جنائزية منوّعة، اشتُرِيَت سابقاً من دور مزادات أوروبية وأميركية. وبعد عرضها في متحف «نابو»، تواصلت إدارته مع مديرية الآثار والمتاحف السورية. وبعد التثبّت بأنّ القطع تعود إلى آثار مصدرها سوريا، قدّمها «نابو» إلى السلطات السورية، قبل أن يُتّفق على إتمام عملية التسليم برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، ويجري التفاهم على برنامج تعاون بين الجانبين، بما يشمل المعارض في سوريا ولبنان ونشر كتب خاصة بالآثار.