كان المتهوّر، رجل العصابات، الشرطي الفاسد، رمزاً للتمرد والفوضوية
لم يكن بلموندو البطل في الأفلام، كان المتهور، رجل العصابات، الشرطي الفاسد، رمزاً للتمرد والفوضوية. كان من نجوم السينما الذين لا يتمتعون بوجهٍ جميل. عندما ظهر في «مقطوع النفس»، كان يبلغ 26 عاماً، وأصبح نجماً بين ليلة وضحاها. أبهر بلموندو أساتذة الإخراج الجدد، قاتل غودار، وكلود سوتيه، وفرنسوا تروفو، وكلود شابرول، وفيليب دو بروكا، وجان بيار ميلفيل، والآن رينيه، وداك ديري، وكلود لولوش، وإدوار مولينارو من أجل الشاب الذي يرتدي الجينز الضيق والسترة الضيقة وصاحب الابتسامة العريضة ووجه الملاكم الخاسر المبارزة للتّو. أصبح بلموندو الشخصية الرئيسية لمتمرّدي السينما وجسّد روح الفوضوية. كان يترك بصمته على الأفلام بالإيماءات، خاطر بحياته من أجل السينما، كان يقوم بالمشاهد الخطرة بنفسه. من ينسى الشاب الذي يقود الدراجة والسيجارة في فمه، في فيلم «رجل من ريو» (1956) لفيليب دو بروكا، أو المعلَّق من مروحية فوق البندقية في فيلم le Guignolo (1980) لجورج لوتنر.
«الحياة، الحياة، الحياة، الحياة» هذا ما طلبه بلموندو في عيد ميلاده الثمانين، كان يحب الضحك والأكل والشرب والحديث عن الأفلام وكره القدم، وكان يعشق النساء. لا أحد يمكن أن يكون جذاباً بالطّلاء الأزرق على الوجه مثل بلموندو في فيلم «بيارو المجنون» (1965). في الفيلم ،لم يحتجّ غودار لتحريك الكاميرا، كان وجود بلموندو في المشهد يغيّر النغمة. بدلاً من تحريك الكاميرا، كان غودار يحرّك عيني بلموندو، ليؤكّد الشعور
والمزاج.
بلموندو يتمتّع بروح الدّعابة المتغطرسة، تلك الخاصة بالمغازلة القبيحة. كان لصوته فقط تأثيراً عظيماً. صوته لا يُنسى، بلهجته غيّر نبرة اللغة الفرنسية، غيّر طريقة الكلام، وكيف نسمع اللغة الفرنسية. هذا الصوت الذي يغلّف وينتشر في بقعةٍ زاهية. «لقد سحرني صوت بلموندو الرائع، وهو يقول أشياء حزينة. كنت أغيّر الحوارات لتتناسب مع لهجة ونبرة بلموندو. كنت أعلم أنه سيكون جيداً جداً كل ما سيقوله» قالها فرنسوا تروفو. حين نشاهد بيارو (بلموندو) في فيلم «بيارو المجنون»، وهو يقرأ القصيدة، نشعر أنّ اللحظة كلّها استحالت أشبه بعرضٍ كامل بسبب صوت بلموندو وطريقة إلقائه.
رحل وجه الموجة الفرنسية الجديدة، الذي شرح معنى الكاريزما، رمز الأناقة والجمال، مات «بيبل» الذي قالت له آنا كارينا:
beau comme tout.