بيدرو ألمودوفار: يوميات الحجر

  • 0
  • ض
  • ض
بيدرو ألمودوفار: يوميات الحجر
يصف الواقع الذي نعيشه بأنّه أشبه بفانتازيا خياليّة أكثر من كونه قصّة حقيقية

في الثالث والعشرين من آذار (مارس) الماضي، كتب بيدرو ألمودوفار للمرّة الأولى يومياّته في الحجر في منزله في مدينة مدريد. كان ذلك يومه الحادي عشر في الحجر، الذي تزامن مع تصدّر عناوين الصحف خبر تحويل حلبة التزلّج في مدريد إلى مدفن مؤقّت لجثث المتوفين جرّاء فيروس كورونا. ليس هناك من جديد بالنسبة إلى المخرج الإسباني في مكوثه في البيت، لكنه يتردّد في كتابة السيناريوهات ولو أنه يرسم عدداً من الحبكات لأفلام مقبلة. تخلّص أيضاً من النظر إلى الساعة إلا عندما يمشي في الرّواق. العتمة في الخارج تنذره بقدوم الليل. وحالياً، يكتفي بكتابة يوميات منح الحلقة الأولى منها إلى موقع «إيندي واير» الذي نشرها أمس (ترجمها إلى الإنكليزية مار دييسترو-دوبيدو). «الواقع الحالي»، يكتب ألمودوفار، «يسهل فهمه كفانتازيا خياليّة أكثر من كونه قصّة حقيقية. فحالة الفيروس العالميّة تبدو كما لو أنها خارجة من أفلام الخيال العلمي في الخمسينيات، من سنوات الحرب الباردة، من أفلام الرعب الدعائية الشرسة ضدّ الأنظمة الشيوعية». في اليوميات، يشارك ألمودوفار مشاهداته السينمائية من Un Flic للمخرج الفرنسي جان بيار ميلفيل، إلى أحد أفلام جيمس بوند الشهيرة Goldfinger من بطولة شون كونري الذي استعاد خلال ليلة مشاهدته الشريط، ذكرياته مع الممثل الاسكتلندي حين التقاه في «مهرجان كان السينمائي»، قبل أن يعود ويتصل به الأخير لدى صدور فيلم ألمودوفار Talk to Her. هكذا يمضي المعلّم الإسباني وقته. وربّما للمرّة الأولى لا يشعر بالقلق الذي يرافقه دائماً: «أفضل ما في غياب جدول زمني خلال فترة الحجر، هو اختفاء الاستعجال والضغط والتوتر، خصوصاً أنني أشعر بالقلق بشكل دائم. لكنني لم أشعر في السابق بقلق أقل من الآن. أعرف أن الواقع خلف نوافذ البيت فظيع وغير مستقرّ، لذلك أنا متفاجئ من أنني لست قلقاً. أشعر بالتمسّك بشدّة بشعوري الجديد وبتغلّبي على الخوف والبارانويا. لا أفكّر في الموت ولا في الموتى». إضافة إلى التخلّص من القلق والخوف خلال الإقامة في المنزل، تخلّص ألمودوفار من عادات أخرى، كما يذكر في اليوميات، منها أنه صار يردّ على كلّ الرسائل التي تصل إلى هاتفه للسؤال عنه وعن عائلته فيما كان يتجاهلها في السابق. السبب هو أن هذه الكلمات المعتادة صارت ذات معنى حقيقي الآن، تجعله هو نفسه يطمئن يومياً قبل النوم على أفراد عائلته وأصدقائه. تمتلئ يوميات ألمودوفار بالكثير من اللحظات السينمائية كما حين يقع على شريط وثائقي عن حياة المغنية المكسيكية شابيلا بارغاس الذي يبكيها طوال مدّة المشاهدة، بسبب كلّ ما يراه ويسمعه، الأرجح أنه صوتها هو ما يدعوه إلى البكاء. صوتها الذي سمعناه مراراً في أفلامه من بينها شريطه الأخير «ألم ومجد».

0 تعليق

التعليقات