برحيل الكاتب والمخرج المسرحي زياد أبو عبسي، تخسر الحركة المسرحية قامةً كبيرةً واسماً لامعاً فيها حيث كانت للراحل مساهمات في عدد وافر من الأعمال المسرحية كتابةً واخراجاً وتمثيلاً. كما أن رحيله يشكل خسارةً للوسط الأكاديمي كون الراحل كان مثقفاً بارزاً دأب على ممارسة التعليم المسرحي في عدة جامعات ومعاهد في السنوات الماضية.شغفه بالمسرح دفعه للتخصص في أعمال شكسبير وهو المولع به منذ أن كان صغيراً. زياد ابو عبسي الذي عرفه اللبنانيون من خلال شخصيتي «ادوار» الخائف من الآخر في مسرحية «فيلم أميركي طويل» و«أبو الزلف» المنتفض على المفاهيم البالية وعلى المذهبية والانتهازية في مسرحية «شي فاشل» للفنان زياد الرحباني، استطاع من خلال هذين الدورين بالتحديد إبراز مواهبه الاستثنائية في التمثيل فدخل الى ذاكرة الناس وقلوبهم وترسّخ في لاوعيهم.
وبعد سنوات من انقطاعه عن العمل المسرحي، عاد وقدّم مسرحية «بيت الدمية» للكاتب هنريك ابسن عام 2015 وكان هذا العمل المسرحيّ الأخير له. والى جانب أعماله المسرحية، كتب الراحل العديد من المقالات حول مواضيع فلسفية وسياسية واجتماعية، وكان لمجلة «النداء» فخراً كبيراً بنشر مقالات الراحل على صفحاتها، وقال في إحداها «لا يأتي التغيير من دون جهد لذلك فانّ الانسان الذي يجهد في العمل على التغيير هو انسان مناضل. وهنا أصرّ على أنّ التغيير شرط للنضال، ولا أعني اطلاقاً أن التكيف مع الظروف هو نضال... ان نظرت الى نفسك ترى أنك مناضل باستمرار، أو عدم وجود الحيلة، ولهذا فانّ المعرفة أمر يجعل الحياة سعيدة» (النداء، شباط 2016).
فقرة كتبها الراحل في مقال له في مجلة «النداء» تعبّر أفضل تعبير عن قناعته الثابتة بضرورة النضال الدؤوب والمستمر لتحسين الأمور ودفعها للأمام متخطين كلّ العوائق والحواجز التي قد تعترضنا.
كما قدم أبو عبسي برامج عديدة عبر أثير إذاعة «صوت الشعب» مشاركاً الفنان زياد الرحباني في عدة برامج، ومقدماً برامجه الخاصة أيضاً، حيث عمل في قسم البرامج لسنوات درب خلالها العديد من الإذاعيين والمقدمين.
عكست أعمال أبو عبسي المسرحية والاذاعية والشعرية التزاماً بمبادىء الكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية، فكان منشغلاً بمقارعة طمع الانسان وعدوانيته وجنوحه نحو الخداع والشرّ.
إنّ اللجنة الثقافية- الفنية في الحزب الشيوعي اللبناني تعتبر أن رحيل زياد أبو عبسي ليس خسارة لأهله ومحبيه فقط، بل إنها خسارة لكل من يحمل فكراً تقدمياً حراً. وأخيراً تتقدم اللجنة بأحرّ التعازي لأهل الفقيد ومحبيه وطلابه. رحل أبو عبسي وترك صفحات مشرّفة ومشرقة على جدار الزمن.

* اللجنة الثقافية - الفنية
الحزب الشيوعي اللبناني