تُعتبَر إيران هدفاً أميركياً أساسياً في القائمة الطويلة لبرامج التفكيك من الداخل، عبر تأليب شعبها ضد نظام الحكم، ما يجعلها في طليعة الدول المستهدَفة ببرامج «الحوكمة وتمكين المرأة والمناصرة لأجل الحريات والديمقراطية»، على الطريقة الأميركية، والتي باتت مملّة إلا لـ«المغفّلين المفيدين». لا تقتصر الجهود الأميركية في هذا الصدد على المؤسّسات الرسمية، بل يشترك فيها مقاولو القطاع الخاص أمثال جورج سوروس، إذ تعمل المنظمات على ملء أرض الملعب بمختلف اللاعبين انتظاراً للحظة تفجير أو لحظات تفجير عدة. فالتنسيق قائم باستمرار بين ممثلي الأقليات الدينية والعرقية وممثلي مختلف الحقوق على أنواعها في الغرب، وهؤلاء في حال استنفار دائم في انتظار الصاعق الجديد أياً يكن. وقد سبق أن استُنفدت صواعق عدة تحت عناوين معيشية واقتصادية وحقوقية، ويحاول الغرب دوماً توظيف أي حجة لموجة جديدة من التحريض. ولكي تفعل كل هذه المنظمات فعلها، من الضروري أن يترافق عملها مع قنوات دعم إعلامية، وصعود إعلام جديد مرتبط عضوياً وتمويلياً بهذه المنظومة «المدنية» التي يمكن النظر إليها كمتاهة كبرى، يعمل فيها «المغفلون المفيدون» كفئران مختبرات، يسيرون في مسارات محدّدة تخدم أجندات المموّلين، في وقت يعتقدون أنهم يتخذون قراراتهم «الحرة» و«المستقلة». فالصحافة في هذه المنظومة تستقي معلوماتها من تسريبات مصدرها غربي، والغرب ينشئ منظمات صحافية استقصائية ومنصات تنشر التسريبات، ويدرّب الصحافيين على استخدام الداتا والأخبار المسرّبة، ويخلق المؤثرين الذين يروّجون للتقارير والأخبار، وينشئ المنظمات التي تروّج لأخبار اضطهاد هؤلاء الصحافيين وتدافع عنهم، لتتبنّى المنظمات الغربية الروايات التي صيغت على مقياس مصالحها... وفي النهاية، يمنح الغرب الجوائز لبعض المحظوظين في هذه المتاهة