في 5 نيسان الماضي، ألحق وزير التربية، عباس الحلبي، رئيس دائرة برامج التدريب المهني، هارون فرحات، بمكتب رئيس مصلحة الإدارة والتنفيذ في المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، بناء على اقتراح المديرة العامة للتعليم المهني والتقني بالتكليف، هنادي بري، وبموجب مذكرة حملت الرقم 7.في اليوم نفسه، كلّف الحلبي مدير المعهد الدولي للعلوم والمهن في زغرتا، سايد بو فرنسيس، بمهام رئيس دائرة برامج التدريب المهني، بدلاً من فرحات، وبمذكرة حملت، للمفارقة الإدارية الغريبة، الرقم 6، أي أن تكليف البديل سبق إقالة الأصيل. وطُرحت علامات استفهام حول كيفية التوفيق بين العملين في زغرتا والدكوانة.

مكافأة أم قطبة مخفية؟
يوم كلّف بو فرنسيس، الذي يشغل في الوقت نفسه، رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي، قيل إن المديرة العامة كافأته مقابل أن يفك إضراب الأساتذة، من دون أن تُكشف القطبة المخفية لهذا القرار. التقصّي عن الأسباب يقودنا إلى تفاصيل مختلفة بشأن إعفاء فرحات من مهامه، ولا تتصل حتماً بالنقص في عدد الموظفين الوارد في المذكرتين الإداريتين. وفي هذه التفاصيل أن ابنة شقيق نائب حالي ووزير سابق، (ج.ز.)، تقدّمت بطلب تصديق عشرات إفادات التدريب لتلامذة، على أنهم أنجزوا دورات تدريبية في المعهد الذي تديره، وهو سيدر كريست أكاديمي - برج البراجنة. إلا أن فرحات جمّد الطلب، في انتظار التحقق من صحة الإفادات المرفوعة إلى الدائرة، بعدما وردت إليه معلومات تفيد بأن المعهد المذكور مقفل. ولما أصرّ فرحات على عدم تصديق الإفادات، تقدّمت مديرة المعهد (ج.ز.) بكتاب خطي إلى وزير التربية تقرّ فيه بأن المعهد مقفل فعلاً، إلا أنها تتعهد بإيقاف كلّ الدورات التدريبية وتسوية وضعه بحسب النصوص القانونية المرعية الإجراء. الوزير حوّل الكتاب إلى المديرية العامة، طالباً إبداء الرأي والتحقق من الأمر، لكن الكتاب وُضع في الدرج، وطُلب مجدداً من فرحات التوقيع على الإفادات، تحت طائلة إعفائه من مهامه.
حصرت المديرة العامة للتعليم المهني توقيع الإفادات بشخصها


ووسط إصرار رئيس الدائرة على موقفه، طلب من رئيس المصلحة، طوني راشد، التوقيع على الإفادات نفسها، وجرى الضغط عليه وتهديده بإعفائه من مهامه، لكنه رفض أيضاً، فما كان من المديرة العامة هنادي بري (وهي أيضاً رئيسة اللجنة العليا للامتحانات الرسمية) إلا أن أصدرت تعميماً حمل الرقم 15/2023 بتاريخ 22 آذار 2022 حصرت فيه بشخصها، وفي مخالفة صريحة للقانون الذي يرعى أصول العمل والمصلحة العامة، توقيع إفادات التدريب التي تنجزها مصلحة التأهيل المهني في المديرية العامة للتعليم المهني.
عندها، تقدم رئيس المصلحة بكتاب خطي مسجل عبر الأصول، في قلم المديرية العامة، يعترض فيه على التعميم لعدم قانونيته ويدافع عن صلاحياته. ولما جرى تأنيبه على الكتاب المرسل، طلب تأليف لجنة للكشف على المعهد والتأكد من وجوده.

إفادات وهمية
وبناء على كتاب خطي من بري، تكلف راشد، ومدير مجمع بئر حسن المهني والمكلف بدائرة المعلوماتية، فاروق الحركة، بالكشف على موقع المدرسة، بتاريخ 5 نيسان، أي في اليوم نفسه الذي صدرت فيه المذكرتان وقبل صدور التقرير. وقد تبيّن، وفق تقرير اللجنة المكلفة والمسجل بقلم المديرية العامة تحت الرقم 1197/6 بتاريخ 12 نيسان، أن المعهد مغلق منذ عام 2020، ولا وجود له حالياً، وليس هناك تجهيزات، وبالتالي فإن الإفادات وهمية وغير قانونية، لذا اقترحت اللجنة عدم تصديقها.
ومن المفارقات أن المعهد المذكور رشح 25 طالباً في البكالوريا الفنية والامتياز الفني في الامتحانات الرسمية المهنية لعام 2022، وقد نجحوا جميعاً، علماً أنه ليس هناك معهد في الأساس، والخطير أن من بين اختصاصات الامتياز الفني اختصاص العناية التمريضية.