بعد تأجيلين، تحققت أمس الزيارة الجزينية لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. منذ إبداء الرابية النيّة لوصل عروس الشلال، بنى العونيون آمالهم بأن تسهم الزيارة المتزامنة مع الذكرى الأولى لنكسة انتخابات 2022 النيابية، باستعادة عرينهم الضائع. لكن خطاب باسيل الذي هاجم فيه بحدّة النائب السابق زياد أسود، ولم يوفّر انتقاد أمل أبو زيد، كرّس الانقسام الداخلي الذي أدى قبل عام إلى خسارة التيار لتمثيله النيابي الجزيني، باعتراف باسيل نفسه.ما إن غادر موكب عون مدينة جزين لتناول الغداء في «بيت الغابة» في بكاسين المجاورة، حتى بدأ العمال بجمع صوره والأعلام البرتقالية التي كانت قد رفعت أخيراً لمناسبة الزيارة. وفي مقابل صور ورايات الاستقبال المؤقتة، لم تهتز صورة عون المرتفعة على عدد من أسطح وجدران المباني في جزين وقضائها، منذ انتخابات عام 2009، عندما صبغ اللون البرتقالي المدينة. ومثلها صور أسود أو «نمر جزين» الذي شكل طوال سنوات زعيماً عونياً محلياً، ساهم في جذب الشبان إلى التيار. في زيارات عون السابقة لجزين، كان أسود أبرز المنظّمين والحاشدين. أما في زيارة أمس، فقد تغيّب الأخير وأنصاره ليس عن التنظيم أو الحضور فحسب، بل عن قائمة المدعوّين. فاختار البقاء في بيروت. مع ذلك، فإن باسيل الذي تفاخر بفصله من التيار قبل أشهر، جعله بطل خطابه الذي ألقاه خلال اللقاء الحزبي بين عون وباسيل والمناصرين في «استاد سليم». وفي معرض مكاشفة العونيين العلنية الأولى عن سبب خسارة انتخابات 2022، جلد باسيل رفيقه السابق بشدة، محمّلاً إيّاه مسؤولية خسارات عدة. باسيل رأى أن خسارة لائحة التيار الثلاثية سببها الأول «عدم تأمين التحالفات مع صيدا والريحان. وفي هذا جزء من المسؤولية على بعضنا بسبب خطابه وطريقة تعاطيه». مستكملاً تلميحه ضدّ أسود، حدد باسيل السبب الثاني بـ»حرصنا الشديد على وحدة التيار وعدم خسارة أيّ منا. فاخترت وحدتنا الداخلية على التحالفات الانتخابية. ويا ريت من ضحّينا لأجلهم، قدّروا ذلك وغيّروا سلوكهم الذي أذى التيار على مدى سنين».
أما أبو زيد الذي جلس كتفاً إلى كتف بجانب باسيل في جميع محطات الزيارة، فلم يفلت من سهامه أيضاً. في ردّ على من يتهمونه بأن أموال أبو زيد صنعت نفوذه في التيار وجزين، قال باسيل إن «التياريّين كلهم متساوون ولا أحد أكبر من التيار بأمواله أو سلطته أو شخصه».
لم يتأخر دفاع أسود على هجوم باسيل. في تغريدة على حسابه على «تويتر»، كتب قائلاً: «جزين ردّت عنّي وعليك... ما بتحرز نضيّع وقت على تافه وزغير... الباقي بتعرفو منيح». وفي اتصال مع «الأخبار»، حسم أسود سبب الخلاف بـ»رفضه سحب إخباره القضائي ضد أمل أبو زيد وشركة OMT بتهمة التلاعب بصرف الدولار». بالنسبة إليه، فقد «سئم من ازدواجية المواقف ومن اتهامه بأذى التيار مع محيطه، بينما أنا كنت أدافع عنهم».
على ان خطاب باسيل الذي تناول الوضع الداخلي للتيار، ركز أيضاً على الوضع السياسي العام في البلاد، وهو جدد ثوابته لناحية رفض ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية, مكرراً الدعوة الى توافق على خيار آخر، لكنه هاجم بقوة الخطاب الداعي الى الانعزال والتقسيم، مشدداً على أن لبنان يجب ان يبقى موحداً، وأنه لا يمكن افتعال طروحات تخدم العدو الإسرائيلي ولا تريح اللبنانيين.
هاجم باسيل النائب السابق زياد أسود دون تسميته وحمّله مسؤولية خسارة الانتخابات


وكان الرئيس عون وزوجته قد باتا ليلة السبت في مسقط رأسه في المكنونية، قبل أن يباشر صباح أمس برنامجه، وألغى الطقس مجدداً «الكزدورة» في سوق السد التراثي. فكانت المشاركة في قداس في كنيسة مار مارون، واستمع الى المطران مارون العمار الذي قال له: «جزين أحبّتك ومنحتك صوتها لسنوات. لكن لا يزال يحتاج أهلها إلى الكثير للصمود في منازلهم اقتصادياً وأمنياً. وهم بحاجة إلى أن يتعاون المسؤولون، بغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية، لمصلحة المنطقة».
العونيون لم يوجّهوا الدعوة الى نائبَي القوات اللبنانية غادة أيوب وسعيد الأسمر لاستقبال رئيسهم. لكنهم دعوا النائب الثالث شربل مسعد، مخصّصين له كرسيّاً جانبياً. كما شارك في الاستقبال مسؤول حزب الله في إقليم التفاح وجبل الريحان وسام سعادة. أما النائب السابق إبراهيم عازار فقد اعتذر عن عدم حضور القداس، لكنه حضر الغداء التكريمي الذي أقيم على شرف عون في بكاسين.