السؤال صار حاضراً بقوة، بعدما دخلت البلاد الأيام العشرة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث يتحوّل المجلس النيابي دستورياً إلى هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية. ومع أن مصادر بارزة معنيّة بالملف أكّدت أن «هذا الأمر لن يكون عائقاً كون رئيس المجلس نبيه بري يتصرف على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات»، فضلاً عن معيار «استمرارية الحكم»، إلا أنها أشارت إلى أن «المشكلة هي في إخفاق الوسطاء الذين يديرون المفاوضات بينَ عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة والرئيس نجيب ميقاتي من جهة أخرى». وأشارت المصادر إلى أن «المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم يقصد عين التينة أمس، إلا لإطلاع رئيس مجلس النواب على الحصيلة السلبية للمشاورات التي امتدّت منذ الأسبوع الماضي حتى الساعات الأخيرة»، وتالياً فإن بقاء الستاتيكو الحالي لفترة طويلة لن يكون مفاجئاً، وربما صار حاجة لأكثر من طرف.تقديرات المعنيين تتحدث عن أن ميقاتي يتصرّف انطلاقاً من أن لا بديل عنه، وهو يستعين في موقفه على خصوم عون الذين لا يريدون إعطاءه حكومة آخر العهد، تحديداً بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بينما صارَ محسوماً أن عون وباسيل لن يفتحا الطريق أمام حكومة جديدة لا يملِك فيها رئيس التيار الوطني الحر الحصة الوازنة التي تجعله شريكاً كاملاً مع حق الفيتو إزاء عدد من الملفات تبدأ بالانتخابات الرئاسية ولا تنتهي بالتعيينات، خاصة بعدَ أن أصبح الفراغ في قصر بعبدا أمراً واقعاً بفعل التطورات الداهمة في المنطقة والعالم، وانتظار النتائج. بينما يبقى حزب الله وحيداً في القتال من أجل الإسراع في قيام الحكومة، وهو يعتقد أن «وجودها في المرحلة المقبلة بما تحمله من مؤشرات سلبية أفضل بكثير من حكومة تصريف الأعمال، تبدأ بصراع دستوري حول تولي حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية ولا تنتهي عند الصراع الطائفي».
تبادل الشروط بين ميقاتي وباسيل يعقد الوساطات


وفي هذا الإطار، أشارت المعلومات إلى أن المفاوضات التي تولاها الحزب وإبراهيم لم تُحرز أي تقدّم بسبب الشروط واللاءات المضادّة وسلّة المطالب التي تختصرها معادلة تقوم على: تمسّك باسيل بتغيير 4 وزراء مسيحيين في الحدّ الأدنى، وإصرار ميقاتي على 3 فقط مع تمسكه بتغيير وزير الطاقة وليد فياض وهو ما لم يلتزِم به باسيل. علماً أن هذه المعادلة تعزّزها عقدة موازية لا تقلّ أهمية عن الخلاف على الحقائب والأسماء وحق كل فريق في تبديل وزرائه، وسمّتها مصادر معنيّة بالتشكيل بـ«أمّ العقد» وتتّصل بموضوع الثقة التي يرفض باسيل أن يُعطيها لحكومة ميقاتي، كما قالت المصادر، وهو أمر «يستغربه حتى حلفاء باسيل نفسه، فلماذا يرفض إعطاء الثقة لحكومة تضمّ وزراء هو من اختارهم وسمّاهم وفرضهم؟»، وقد أشارت المعلومات التي كُشفت عن المداولات الحكومية إلى أن «الأمور تعقّدت عند هذه النقطة»، فقد دفع رفض باسيل لهذا الأمر ميقاتي إلى التشدّد وصارَ إعطاء الثقة للحكومة شرطاً من شروط ميقاتي الأساسية، إذ أكد أنه مستعدّ لإظهار ليونة في عدد الوزراء الذين سيتم استبدالهم والأسماء أيضاً، لكن ليس قبل التعهّد بإعطاء الثقة.