للعام الثاني، تتهرب المصارف من تطبيق قانون الدولار الطالبي الرقم 193 الذي يلزمها بتحويل 10 آلاف دولار للطالب اللبناني في الخارج وفق سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة للدولار)، على رغم أن القانون غير محدد بمهلة زمنية، ويبقى ساري المفعول حتى ينفذ بكل مندرجاته، وهو ما أكد عليه بيان أصدره مصرف لبنان قبل أيام دعا المصارف إلى مواصلة استلام طلبات التحويلات وتنفيذها وفقاً للشروط.وكان القانون انطلق من أسباب موجبة تتصل بالأزمة الاقتصادية الطارئة التي انعكست سلباً على الطلاب، ومنها ارتفاع سعر صرف الدولار، ما أحرج أولياء الأمور، ومعظمهم من الطبقة العاملة ويتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية، وجعل مستقبل أبنائهم قابلاً للضياع.
التطبيق في العام الماضي كان مجتزأ واستنسابياً، إذ لم تتجاوز نسبة الطلاب الذين حولت إليهم الأموال من حسابات أوليائهم الذين يملكون رصيداً بالعملة الأجنبية الـ 20 في المئة، فيما لم يستفد أي من الطلاب الذين لا يملك أهاليهم حسابات مصرفية، علماً أن القانون ألزم المصارف بفتح حسابات لهؤلاء.
أحد الأساتذة الثانويين الذي يملك حساباً بالدولار غير قادر على تسديد القسط ودفع بدل إيجار البيت ومصاريف ابنه، الطالب في السنة الخامسة طب في إحدى الجامعات الروسية، علماً أنه استفاد العام الماضي من القانون بمبلغ 6 آلاف دولار فقط.
أحد العسكريين المتقاعدين حصل على 5 آلاف دولار وفق سعر الصرف الرسمي شرط تنازله عن دعوى رفعها أمام القضاء المستعجل في بيروت ضد البنك والتوقيع على تعهد بعدم استفادته من أي مبالغ إضافية استناداً إلى «الدولار الطالبي» أو إلغاء حساب توطين الراتب. وأوضح أنه لم يكن هناك خيار أمامه سوى الموافقة، بعدما هُدّد بالفصل من الجامعة لتأخره في دفع القسط.
وأشارت والدة طالبين يدرسان في الخارج إلى «أساليب خداع» استخدمتها المصارف لمنع الأهالي من الاستفادة من القانون. إذ ربط المصارف الذي تضع فيه وديعتها بين الطلبين اللذين قدمتهما لابنيها بحجة أن هناك أوراقاً ناقصة في أحدهما، ثم تذرع بأن السيولة نفدت وأن هناك سقفاً لا يمكن تخطيه. وسألت عن عدد الطلاب الذين استفادوا من التحويلات ووفق أي مقياس وهل هم مستحقون، باعتبار أن التجربة تشير إلى أن البعض، كما حال ابنيها، احتجزوا في الخارج ولم يستطيعوا العودة إلى بلدهم لعدم قدرتهم على دفع تذكرة السفر ولم يستفيدوا من أي مبلغ يساعدهم على الصمود، ولم يحظوا، على الأقل، بتخفيضات على أسعار التذاكر لكونهم طلاباً. ولفتت إلى أنها اضطرت لصرف 200 دولار وفق سعر السوق الموازية لتجديد جواز السفر لابنها في روسيا، علماً بأن كلفته لا تتجاوز في لبنان 300 ألف ليرة.
بعض الأهالي نالوا نصف المبلغ ووقعوا على تعهد بعدم المطالبة بالنصف الآخر


عدد الطلاب اللبنانيين في الخارج يلامس 10 آلاف طالب في الحد الأقصى، بحسب رئيس جمعية أهالي الطلاب سامي حمية، أي أن كلفة تطبيق القانون لا تتجاوز 90 مليون دولار، في حين لم يقدم حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، حتى اليوم جدولاً بأسماء الطلاب الذين استفادوا من الـ230 مليون دولار التي قال إنها حولت إليهم العام الماضي.
حمية قال إن عدداً كبيراً من أهالي الطلاب تقدموا بدعاوى ضد المصارف لا تزال عالقة أمام القضاء المختص، فيما تطبيق قانون الدولار الطالبي لا يزال يراوح مكانه بسبب غياب الدولة عن مراقبة تطبيق القوانين وتعنت المصارف الذي كان سبباً رئيسياً لخسارة مئات الطلاب مقاعدهم الدراسية.
وبعدما لمست الجمعية الطريقة التي أسيء فيها تنفيذ القانون 193 من المصارف ومع بداية العام الدراسي الجديد، قدمت نص قانون جديد للعام الدراسي 2021/2022 وسلمته للنواب، وعدلت بعض البنود التي من شأنها أن تعالج الثغر في النص السابق لا سيما لجهة إضافة بند جزائي يضمن التطبيق بحذافيره، على أن يستفيد من القانون كل طالب جديد أو قديم يريد أن يتابع دراسته الجامعية في الخارج. واقتراح القانون الجديد أصبح مسجلاً في مجلس النواب وسلك الطرق القانونية، وهو منفصل تماماً عن القانون 193 والبيان الأخير لمصرف لبنان.
وتزامناً مع بدء التدقيق المالي الجنائي في حسابات المصرف المركزي، طالب حمية بأن يشمل الأموال التي حولها مصرف لبنان باسم الطلاب إلى الصيارفة فئة أ، بناء لتعميم صادر عن الحاكم ويقضي بإعطاء الطالب 3500 دولار على سعر المنصة (3900 ليرة لبنانية للدولار). ودعا إلى التحقيق بمصير الـ 230 مليون دولار، خصوصاً «أننا طلبنا من الحاكم عبر رسالة خطية تزويدنا بجدول بأسماء الطلاب الذين استفادوا للمقارنة، فرد، في رسالة خطية، بأن لا أسماء لديه بل هي في حوزة الصرافين والمصارف».