تشير معلومات إلى نية الأميركيين سحب 2500 جندي في «بادرة حسن نية»
في المقابل، هناك القوى التي عبّرت عن سخطها، إذ إنها طبقاً لمصادر سياسيّة متابعة ستكون «متضرّرة»، وخاصة أن هذه نتائج الحوار، إن جاءت إيجابية، فستصبّ في مصلحة الكاظمي وحكومته، وستعدّ إنجازاً لهما. هذه القوى وصفت اللقاء الأوّل بـ«الفاشل» لسببين: الأوّل شكل الفريق التفاوضي، والثاني مضمون المفاوضات الذي خلا من أي نتيجة تعكس مسار الحوار مستقبلاً. لكن مقربين من الكاظمي يردّون بأن الأخير عمد إلى أن يكون الفريق العراقي، في المرحلة الأولى، بمستوى الفريق الأميركي نفسه، والبيان المشترك عن بغداد وواشنطن أشار إلى ذلك: الوكيل الأقدم للخارجية العراقية عبد الكريم هاشم مصطفى ممثلاً وفد بلاده، يقابله وكيل الخارجية الأميركية الخاص بالعلاقات السياسية ديفيد هيل. أما المرحلة الثانية، فستكون على مستوى الوزراء، ويخوّل هؤلاء الوصول إلى تفاهم متكامل، فيذهب به الكاظمي لاحقاً إلى البرلمان والنجف، لأخذ الضوء الأخضر قبيل التوجّه إلى الولايات المتحدّة لتوقيع الاتفاق النهائي. وهذا لم يحسم حتى الآن: هل سيكون قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركيّة، في تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل، أم بعده.
أما في المضمون، فإن اللقاء الأوّل كان تعارفيّاً بروتوكوليّاً، وعمد الفريق العراقي إلى تدوين الملاحظات الأميركيّة والاستماع لها من دون أن يكون مخوّلاً تبيان وجهة نظره، علماً بأن مخاوف عدّة تبديها بعض الدوائر الدبلوماسيّة من المكر الأميركي، فهذا «الصمت» صبغ أداء الفريق العراقي بـ«الضعف والوهن». مع ذلك، هدف الحوار الرئيسي، وفق أكثر من مصدر، هو برمجة انسحاب قوات الاحتلال من «بلاد الرافدين». وفي هذا السياق، ترى مصادر دبلوماسيّة عراقيّة أن بغداد انتزعت من واشنطن إقراراً بـ«احترام سيادة العراق، ووحدة أراضيه، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن السلطات التشريعية والتنفيذية العراقية»، في اعتراف أميركيّ بضرورة تطبيق القرار البرلمانيّ الصادر مطلع العام الجاري، والداعي إلى انسحاب القوات الأجنبية كافة. وبينما أكّد البيان أن الولايات المتحدة ستواصل خلال الأشهر المقبلة تقليص قواتها، وأنها لا تسعى إلى إقامة قواعد أو وجود عسكريّ دائم، تشير المعلومات إلى أن دفعة كبيرة من القوّات الأميركيّة، قوامها 2500 جندي، ستنسحب مطلع الخريف المقبل، في «بادرة حُسن نيّة». أما الانسحاب الكُلّي، أو «إعادة التموضع»، فمرهونٌ بتوقيع اتفاقيّة جديدة، مع الإشارة إلى أن الجانب الأميركي يسعى إلى إجبار الحكومة العراقيّة على دفع التكاليف الماليّة للانسحاب أو «فكفكة القواعد»، بمبلغ لا يقلّ عن ثلاثة مليارات دولار.