فيما العالم يشاهد عبر يوتيوب، قوى الأمن تقمع الشابات والشبان الذين اعتصموا سلميّاً يوم السبت أمام المصرف المركزي في بيروت، احتجاجاً على السياسات الاقتصاديّة للدولة... كان خبر آخر، لا يقلّ مدعاة للاعتزاز بوطن الحريّات، ينتشر على فايسبوك. لقد فرض الأمن العام خناقاً قاتلاً، على فيلم دانيال عربيد الجديد «بيروت بالليل». صاحبة «معارك حبّ» (٢٠٠٤) التي يعرض فيلمها الجديد الآن في «دبي» بعد «لوكارنو»، باتت مخيّرة بين تقديمه مشوّهاً للجمهور اللبناني، أو سحبه من العرض الذي كان مقرّراً الشهر المقبل.
لقد اكتشفت منتجتها سابين صيداوي، بعد جولات كافكاويّة دامت أسابيع، بين أروقة الأمن العام «ولجنة الرقابة»، أن الفيلم «يهدّد السلم الأهلي اللبناني»، وأن عليها، إن شاءت الحصول على التأشيرة السحريّة، أن تحذف مقاطع كاملة (عن اغتيال الحريري)، «لم ترد في السيناريو» الذي خضع للرقابة في حينه أيضاً!
وقائع «نقاشات» سابين مع ضباط الأمن العام، هي بحدّ ذاتها مسرحيّة عبثيّة تعبّر عن حالة الانحطاط التي يعيشها الشعب القاصر، في ظلّ قوانين بالية تحمي النظام الطائفي والإقطاعي، ومؤسسات «وصيّة» عليه منذ الانتداب. أيّ سلم أهلي هو ذاك الذي يهدّده عمل فنّي؟ أية حريّة إبداع تلك التي يمنحها العكسر والبيروقراطيّة؟ أسئلة ستطرح بلا شكّ خلال المؤتمر الصحافي الذي دعا إليه «مرصد الرقابة» و«مهارات» صباح الخميس (١٥ الجاري) في «متروبوليس»، لإطلاق مسودة «قانون حريّة الأعمال السينمائيّة» مع المحامي نزار صاغيّة. في انتظار ذلك، كل التبريرات لن تغيّر شيئاً: لبنان دولة «قمعيّة ـــ شيك»، وكلّ الأطراف التقليديّة متفقة على إبقائه كذلك.