لطالما اقترن شهر الصوم، بأعمال الخير، وطفرة البرامج التي تفتح أبوابها لمساعدة المحتاجين واصحاب الحالات الطبية الصعبة. هو نوع من التعاضد الإجتماعي، عبر الشاشة التلفزيونية، ألفناه وشابه في كثير من الأحيان بعض الثغر، في إستغلال هذه الحالات، وصولاً الى إقحام عدسات الكاميرات في خصوصياتها، والدوس أحياناً على كرامتها، كرمى للسبق التلفزيوني. هذا النوع من البرامج الى تراجع هذا العام، لصالح رزمة هائلة من الجرعات الدرامية التي تتسابق في ما بينها. تراجعت برامج المساعدات، على الشاشات، لتنتقل الى العالم الإفتراضي، مع الإعلامية رابعة الزيات. تجربة «الله كريم» (إخراج كارل حداد)، على مواقع التواصل الإجتماعي (أنستغرام، يوتيوب، تويتر، فايسبوك)، الذي بدأ في أول رمضان، يستعرض حالات إنسانية تعاني من أوضاع صحية صعبة، لتتلقى بدورها المساعدة المطلوبة، كي تستعيد عافيتها. شرائح عمرية مختلفة، توالت في «الله كريم»، أطفالاً كانوا أم نساء أو رجالاً، جميعهم بحاجة الى مساعدة عينية، نظراً لحالاتهم الصحية الصعبة. ضمن دقيقتين ونصف الدقيقة، مدة كل حلقة من «الله كريم»، تعرّفنا الزيات إلى الحالة الإنسانية المطروحة، لا نشعر ولو لمرة أننا أمام برنامج أونلاين، بل تسير الأمور بسلاسة وتلقائية. ربما، يكمن السرّ هنا، في قرب الإعلامية اللبنانية من الناس، وتعاطفها معهم، كجزء من شخصيتها التي نادراً ما تظهر على الشاشة. الحالات الإنسانية التي عرضت الى اليوم، لم تستغل ولم تستخدم دموعها للإثارة أو للإستعطاف، بل كان «الله كريم»، مجرد منصة أو وسيط، استخدمته الزيات، واستغلت عدد متابعيها الكبير على السوشال ميديا، بغية حشد المساعدة لهؤلاء. اللافت هنا، متابعة الحالة المعروضة، وإخبار الناس بما حصل معها، ومن الجهات التي قامت بدعمها، والمبالغ المتبقية التي تحتاج إليها.«اليوم أنت بحاجة لإيد تخفف عنك ..كتف تسند عليه»، «يمكن أنا بكرا احتاج لهالإيد»، «المرض ما بيعرف لا غني ولا فقير»... عبارات مرت في الإعلان الترويجي للبرنامج الإنساني، كانت كفيلة بمن سمعها بإشعاره بأن هناك جزءاً من الناس بحاجة الى دعم ومساعدة، وأن المرض لا يميّز بين الطبقات إجتماعية رغم أن صاحبة «أحلى الناس»، تبدو لوحدها في هذا المعترك الإفتراضي، والمقصود هنا، تداعي أو تدخل عدد من الشخصيات المؤثرة في ميادين مختلفة لا سيّما في مجاليّ الفن والإعلام، ما خلا بعض الأسماء التي دعمت هذه المبادرة الإنسانية ودعت الى التفاعل معها: ميلاد حدشيتي، جو رعد، فايا يونان.. مع ذلك، ومع إختبار الزيات لهذه التجربة الإلكترونية لأول مرة بعيداً عن الشاشة الصغيرة، نستطيع القول إنها وضعت حجراً يمكن إستكماله في ما بعد، تلفزيونياً أو إلكترونياً، يسهم بالتأكيد في مساعدة الناس، الى جانب أخذ حصتهم من الترفيه الذي اعتدنا على الإعلامية اللبنانية تقديمه.