ليست الصور النمطية في الدراما ملتصقة تاريخياً بالمرأة فقط، رغم أن الأخيرة تستحوذ على حصة وافرة من التعليب والتنميط لأسباب مختلفة، على رأسها الهيمنة الذكورية على مفاصل الدراما ومحاولة إعادة تكريس الواقع المرير بصور مختلفة. لكن ما شاهدناه أول من أمس، وتحديداً في الحلقة 18 من مسلسل «تانغو» (تأليف سيناريو وحوار إياد أبو الشامات - إخراج رامي حنّا)، في الأداء الذي جسّده باسم مغنية (سامي)، يكسر تنميطاً آخر تقع فيه الصناعة الدرامية، والموروثات الشعبية والإجتماعية ايضاً. في هذه الحلقة، وبعد محاولة «سامي» مع الطفل «شادي» الإبتعاد عن أعين الشرطة، والهروب من فحوص الحمض النووي التي طلبتها والدة عامر «صباح» (سمير بارودي)، للتأكد بأن الطفل هو حفيدها، يستسلم في نهاية المطاف، ويأتي طوعاً الى مركز الشرطة. يسلّم الطفل، الذي رباه في منزله من دون أن يعلم أنه ليس من لحمه ودمه. حتى عندما تأكد بنفسه أن «شادي» ليس إبنه، لم يتغيّر إحساسه تجاهه، بل تمسّك به أكثر، وشاهدنا في حلقات سابقة، مواجهته لإبن خالته ولصباح على حدّ سواء، دفاعاً عن الطفل الصغير، كنا كأننا أمام مشهد لبوة تستخدم كل مخالبها وقوتها أمام أي خطر قد يحيط بأولادها. هكذا كان مغنية، قبلاً، وفي الحلقة المذكورة. مشاهد مؤثرة أدّاها ببراعة لدى توديعه للطفل. رأيناه يبكي بحرقة ويتابع بكل جوارحه خطّ سير العربة التي كانت تقلّ «شادي». بعدها انتقلنا الى منزله وتحديداً الى غرفة الطفل المزركشة، هناك، ترك «سامي» العنان لبكائه وللتعبير عن شعور فقدانه لإبنه. جلس منتحباً، يحتضن مخدة صغيرة، ويتابع البكاء بحرقة.
هو شعور الأبوة الذي لطالما طمس في الواقع، وعلى الشاشات. أفسح «تانغو» المجال لهذه المساحة لتبرز أكثر، ويترك العنان للرجل للتعبير عن حبه وتعلقه بالطفل (حتى لم يكن إبنه البيولوجي)، ويظهر أكثر أن الرجل ايضاً إنسان يشعر، ويفقد ويبكي، ويتحسر، وليس فقط كائناً جامداً يهوى العنف أو تغيب عنه المشاعر الإنسانية.

«تانغو» يومياً 23:00 على lbci و21:00 على mbc4